الان، أكثر من أيّ وقت مضى، يجْدر بالنسويّات الشابّات اختراقُ فضاءات اليسار وتنويرُها

By Hisham Achkar

لا شكّ في أنّ ما حصل في تونس وامتدّ إلى مصر يؤكّد قناعاتٍ أساسيّةً لي، وللعديد من المهتمّين بالشؤون السياسيّة في المنطقة، أهمُّها: أنّ التغيير المنتظر قادمٌ دائمًا في وقته، ودائمًا في محلّه؛

لا يمْكن تأجيلُه، ولا يمْكن استعجالُه. هناك مهّمةٌ أساسيّةٌ نراها في صوت النسوة بعد ثورة تونس وخلال ثورة مصر، وهي: ضرورةُ العمل على إنتاج معرفةٍ نِسْويّةٍ معبِّرةٍ عن النساء العاملات والأجنبيّات والمثليّات واللاجئات، ومرتبطةٍ ارتباطًا عضويًا بالمطالب الشعبيّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة في مجتمعنا اللبنانيّ، بحيث تكون مطالبُنا ومعرفتُنا مندمجةً بالمطالب الشعبية ومتميّزةً (مرئيّةً) منها في آنٍ معًا.

ونريد لهذه المعرفة أن تمْلك القدرةَ على اختراق جدار الطائفيّة الذي عادةً ما تُسجن النساءُ خلفه، فتصادَرُ حقوقُهنّ وآراؤهنّ. لدى الكاتبات الشابّات في صوت النسوة إيمانٌ بالشعوب العربيّة، وتحديدًا فئة النساء العربيَّات. لكنّه إيمانٌ لا يخلو من النقد البنّاء. نجد في العديد من المقالات إحساسًا جذريًا بالمشاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة التي نواجهها في لبنان والعالم العربيّ.

كما أنّ هناك مفهومًا واضحًا للحرب الذكوريّة الرمزيّة التي تستهدف فئةَ النساء في لبنان وفي أيّ مكانٍ من الوطن العربيّ: حرب تصرّ على تهميش النساء واستعمالهنّ بما يَخْدم الأجندة الليبراليّة التي تصرّ على تحويل كلِّ شيءٍ إلى سلعة، وتحويلِ النساء على وجه الخصوص إلى سلعةٍ جماليّة. يومَ الاستقلال اللبنانيّ، خصّصنا عددًا في صوت النسوة لمواكبة هذا النهار. كنّا واضحاتٍ في طرح مشكلةٍ أساسيّةٍ في رؤيتنا لمفهوم “الوطن”: إنّه واقعٌ اقتصاديّ سياسيّ اجتماعيّ يعكس حسنَ نوعيّة الحياة المعِيشةِ في ربوعه أو فقرَها. فالإحساسُ بالوطنيّة يكون عبر الحرص على نوعيّة الحياة فيه، لا من خلال خلق انتماءٍ عاطفيٍّ واهٍ، عنصريٍّ ومذهبيٍّ في الجوهر. من الصعب، بعد التغييرات التي تقع في تونس ومصر، أن يتجاهل الشبابُ والشابّات في لبنان قدرتهم على التغيير وعلى الثورة ضدّ أيّ شكلٍ من القمع والتمييز. والآن، أكثرَ من أيّ وقتٍ مضى، يجدر بالنسويّات الشابّات أن يخرقن فضاءاتِ اليسار، وأن ينوّرنَها، وأن يجعلنها فضاءاتٍ ترحّب بالنساء وتدفعهنّ إلى مواقع القيادة فيها.

كما يجدر بالشباب والشابّات في اليسار، أكانوا مستقلّين أمْ في تنظيماته الكهلة، أن يقوموا بنقدٍ واضحٍ للهيكليّات والخطابات التي تُفرض عليهم، وأن يحرصوا على اتّخاذ الصفوف الأماميّة مواقعَ لهم، وعلى أن يُنتجوا خطابًا يعبِّر عن حاضرهم لا عن ماضي آبائهم. هناك ما يدعونا إلى التفاؤل عند النظر الى المستقبل. ففي تونس ومصر ما يصْلح لأن يكون وحيًا تتجاوب معه بقيّةُ البلدان العربيّة، كما يَصْلح لأن نتجاوب معه في واقعنا الشخصيّ نفسِه. علينا أن نستعمل كلَّ الوسائل المتاحة لنشارك في التغيير! وسنسخّر كاملَ مواردنا لذلك! وصوتُ النسوة هي، بالتأكيد، وسيلةٌ وموردٌ للتجاوب مع الأحداث.

الواقع أنّ شعوب المنطقة تقوم وحدها بالتخلّص من الديكتاتوريّة، من دون تدخّلٍ خارجيّ، ومن دون استخدام من تلطّختْ أيديهم بالدماء والترهيب والظلام. وهذا يعني أنّ القضاء على الأبويّة والذكوريّة أصبح أمرًا شديدَ الاحتمال، إنْ لم يكن حتميًا. فالقمع، بجميع أشكاله وجماعاته وتنظيماته في المنطقة، أمرٌ موقّت، وتونس ومصر خيرُ دليلٍ على ذلك. وهناك واقع يقول إنّه حين تؤْمن الشعوبُ بنفسها يصبح أيُّ أمرٍ قابلاً للتحقيق.

نشرت في مجلة الآداب » ١-٣ /٢٠١١ » الشباب في لبنان وانتفاضتا تونس ومصر

http://www.adabmag.com/node/378

  

Publisher: 

Sawt al' Niswa

Section: 

Category: 

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: