يحصل لنا كلنا

منذ سنوات عدة كان التطرأ الى موضوع الاغتصاب والتحرش الجنسي من المحرمات. فممنوع لفظ المفردات هذه في المنزل او في الشارع أو أمام الاصدقاء، لانها مواضيع حساسة تشكل فضيحة وعار على العائلة ومن المعيب جدا ان نتكلم عن وجودها كفتيات .

شخصيا، لم أكن أعلم انني في يوم من الايام سأتفوه بتلك المفردات أمام العلن او أسئل عنها حتى، فالطالما راودني شعور بثورة سنتفجر يوما ما داخلي، ولطالما آمنت بأني سأدافع عن جسدي وعن حقي بأن أعيش بسلام وأتكلم بحرية عن تلك المفردات الحساسة.

دائما، كنت احلم بان أعترف امام العلن انني تعرضت لتلك المفردات الممنوعة، وكنت من صغري أحثّ صديقاتي على التكلم عن معاناة المرأة في لبنان، لكن كما نعلم نحن نعيش في مجتمع مغلق، مقفل بمفتاح ذهبي خُبأ في مكان سري، لذا كنت دائما أُصَدُ من قِبَل صديقاتي وأُعتبر الفتاة الغريبة الاطوار .

منذ سنتان وجدت ذلك المفتاح الخاص بي، وبدأت بفتح الابواب التي تؤدي الى التحرر من هذا المجتمع، بحثت عن مجموعة تعنى بحقوق المرأة وبدأت اخلع تلك الابواب من مكانها، تعرفت على حقوقي المهدورة والمغتصبة من الدولة، تعرفت على البنود المركونة في زوايا القوانين التي ملأها الغبار واصبحت متعفنة لا احد ينظر اليها. قررت في سري ان أمسح الغبار عنها وأبدء من أعماقي، ومن ذكرياتي ومن نفسي أنا . فأرشيف الذاكرة مليء بالحوادث المناهضة لي كإمرأة، وضعت شريط الذاكرة أمامي وبدأت بعرض الصور الى العلن :

الرجل العجوز في كافيتيريا المدرسة الذي كان يلامس الفتيات عند الشباك، البائع في الدكان المركون تحت منزلنا والذي كان يتحرش جنسيا بالمراهقات وكان يهددهن بالفضيحة العظمى اذا اخبرن اهلهن. معاناة الشابات مع سائقي السيارات العمومية، الاب الذي كان يضرب إبنته بشدة بسبب تأخرها عن المنزل، الرجل الذي كان يضرب زوجته بوحشية ولا تزال حتى الان في منزله لانها تريد السترة، محاولات الاغتصاب، التحرش الجنسي ضمن العائلةكل هذا حصل مع فتاة اعرفها حق المعرفة، واصبحت تعاني من فقدان الوعي، تخاف من مجتمعها ولا تجرأ ان تتكلم عن اي من تلك الحوادث المؤلمة التي مرت بها. من يحميها؟ من يسمعها؟ قالو لها في إحدى المرات ان تلجأ الى الشرطة، لكن طبعا طُردت حتى قبل ان تدخل، ظلت متكتمة واصبحت تعاني من مشاكل نفسية لا حل لها.

في الامس البعيد شهدت محاولة اغتصاب لفتاة أعرفها، كانت على وشك الدخول الى منزلها في وقت مناسبمن الليل، وهوجمت من قبل شباب أرادوا إغتصابها، ولم يستطيعو فأبرحوها ضربا حتى عجزت عن الوقوف، ورفضت التوجه الى اقرب مخفر لانها تعلم بانهم سيهزأون بها وسيرفضون سماعها

هؤلاء الفتيات وغيرهن الكثير، هن مدعوات نهار السبت الواقع في 14 كانون الثاني 2012، الى التحرك الذي تنظمه المجموعة النسويةالساعة 12 انطلاقا من الصنائع وصولا الى ساحة البرلمان، ليرفعن صوتهن ويصرخن من اعماقهن:

أولا للتخلص من عقدة السكوت. وثانيا للمطالبة بالأمن وبقوانين كافية تحمينا! 

من المعيب ان نصل الى القرن ال 21 ولا نزال نطالب بحقنا بالعيش بأمان، لن يقفل فمنا ولن يسكتنا احدا بعد الآن، سنكسر تلك القيود ونسقط كل الاقنعة.

Publisher: 

Sawt al' Niswa

Section: 

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: