مّا منقول عامل بفكّر بأهلي. بفكّر ببيّي يلّي حياته كلّا كانت موافقة لتوجيهات “العامل المثالي”. فكروا معي لحظة. مين هوّي العامل المثالي؟ لأ خلّوني صحح، شو هوي العامل المثالي؟ العامل المثالي هوي عامل صامت، صبور، ما بينق، بيشتغل من الصبح لعشية، بيروح عالبيت، بيغنّج ولاده، بياكل وبينام. تيقوم تاني يوم مرتاح عالشغل. هيدي كانت حياة بيّي وبعدها. مش لأنو بيّي ما بيحب يعيش، يغامر ويربح… طول عمره بيّي عم بيضحّي تبكرا يحصد، بس ما بحياتو إجا بكرا، فبقي بيّي عم بيضحي تيشتغل ويشتغل تيضحّي. أي بعرف إنّو أنا عم بكتب لصوت النسوة مش لصوت الرجال. ولأ، مش قبلانة إنو رجّال (ولو كان بيّي) يسرق هل المساحة المخصصة للنسوة. بس إمّي مثلا، إمّي مش عاملة. صحيح بتشتغل من الفجر للنجر، سبع أيام بالأسبوع.
إمّي بتحب وبتحترم صاحبين الشغل (بيّي وإخواتي وأنا). صحيح إنو إمي انذلّت إيام تتأمّن لقمة الخبز، ترجّت عالم تما نطلع بلا علم، تحمّلت نظرة الجارات والشماتة لأنها اشثغلت بالبيوت. بس لأ إمّي منّا عاملة، إمّي إم، لا أكتر ولا أقل. ليش؟ لأنّو إمّي مرا… فلفشوا كتاب القراءة، فتحوا الصفحة المخصّصة لعيد العمال وخبروني كم صورة مرا بتشوفوا؟ المرا بتشتغل إذا اضطرّت. رجعوا تذكّروا صفّكن بالجامعة. كم مرا كان في وكم رجّال؟ شو بتعرفوا عن حياتن هلّق. عملوا ليستة، كتبوا كل إسم وكتبوا شو صار بصاحب(ة) هالإسم هلّق. أنا مستعدّة شارطكن إنّو بتعرفوا منّن نسوان مجوّزة أكتر من رجال. يمكن في منّن نسوان بتشتغل بس أوّل شغلة بتتذكّروا عنّن إنّن مجوّزين. ويمكن في منّن رجال تجوّزوا بس أول شغلة بتتذكّروا عنّن إنّن صاروا يشتغلوا بهيدي الشركة، أو أسّسوا هيديك الشركة. أنا هلّق عمري أربعة وعشرين سنة، قضّيت أربع سنين بالجامعة اللبنانية وسنتين بسوق العمل… بس أنا بعدني بنت.
لمّا بزور بيت ستي بيسألوني ديماً عن حياتي العاطفية، إذا في شب بحياتي ولّا لأ، بيعتبوا عليي كيف هاملة شكلي: إنت حلوة ليش بتعملي بحالك هيك؟ أوقات بلاقي حالي عم جرّب فكّر بمستقبلي، بجرّب إتخايل حياتي كيف رح تصير بكرا. بعرف إنو لما كنت زغيرة كان حلمي إتجوّز وجيب ولاد ولما يصير عمري أربعين بيكونوا ولادي صاروا كبار، بكفي هل كم سنة اللي بقيتلي عم بقرا عا رواق، أنا وجوزي بالبيت. هلّق بخاف فكّر بمستقبلي لما ختير. ما عندي ضمان إجتماعي وما عندي ضمان شيخوخة. ما عندي ولاد ومش ناوية جيب ولاد بالمدى المنظور.
ما عندي مصاري وما عندي بيت مع جوزي… من حلم الطفولة ما بقيلي إلا الكتب، كتير كتب… أنا وين غلطت تا اخترب حلمي؟ ليش ما عندي حس الأمان اللي كانوا مأمنيلّي ييه الأحلام الجندرية اللي لقّموني ييها أنا وزغيرة؟ أوكي حطّوا الميلودراما عجنب. القصة وما فيا إنّو النظام الذكوري المرعي الإجراء بلبنان (تا ما عمّم على كل الشرق الأوسط) نظام ناجح جدّاً. على راس السلم في الرجال ومن بعدو في المرا. الرجال هوي اللي بيعمل الشغل اللي إلو عازة (يعني اللي بيطلّع مصاري) والمرا هيي اللي بتأمنلو الدعم اللوجستي (بيتربّيلو ولاده، بترتبلو بيته، بطبخلو..) والمعنوي (بتنام معه، بتتحمّل فشة خلقه لمّا ينيّك عليه صاحب الشغل، بتتحمّل إمّه ونقّها، بتتحمّل نق ولاده…). بس تا ينجح النظام لازم الكل يكون مقموع كفاية تما يكون قادر يتمرّد عالنظام بس بردو حاسس حاله عم بيضحّي. ما في رجال داخل بالنظام ما بيحس حالو مقصّر، ما عم بيطلّع مصاري كفاية وما في مرا ما بتحس إنها مش حلوة كفاية، مش ذكية كفاية أو مش قوية كفاية. بس بالنهاية ما زال الولاد بيكبروا (وما بيموتوا) فا الأم والبي بيعتبروا حالن عملوا واجباتن، ضحّوا قد ما بيقدروا وماشي الحال. ميشان هيك أنا لمّا فكّر بالشغل بفكّر ببيّي، هوّي اللي واجباته يشتغل. إمّي بتذكّرها بعيد الأم هيّي إم وبس
Publisher:
Section:
Category: