اسكات المرأة : عن كسر الصمت

By Joelle Hatem

ربما أسوأ ما في العنف الأسري الموجه ضد المرأة ، هو السكوت و الإسكات الذي يجب أن تلتزم به المرأة لكي لا تفضح العائلة. إذ تحمل النساء عواقب تاريخ طويل من العنف اللّفظي و المعنوي، دون كلمة واحدة قد تحمّل المعتدي، العواقب التي قد “تؤذي العائلة”، “تؤثّر بنفسية الأولاد”، “تشوّه صورة الأسرة”، و في أحيان كثيرة قد يؤدي الإفصاح عن عنف ممارس من أحد أفراد العائلة إلى عنف أكبر و أكثر ضرراً. و هكذا تبقى المرأة أسيرة السكوت

إنما إسكات المرأة لم يبدأ هنا و هو بالتأكيد لن ينتهي عند هذا الحد ، فهذا هو جزء من “أخلاقيات” المرأة، و أحد أهم خصائص هذا الجندر.أذكر عندما كانت أمي تعلمني الصلاة ،كنت قد بدأت بتلاوة الآيات القرآنية  بصوت مرتفع ، حينها قالت أمي لي أنني يجب أن أصلي في صمت .. على المرأة أن تبقى صامتة أيضاً في صلاتها .

هذا السكوت المجبرة عليه المرأة و المسمّى “بأرقى” التسميات كالحساسية، و”الأدب”، و “التهذيب”، و “الطاعة” .. لا يقتصر فقط على الحد من حرية التعبير اللفظي عن ما يجول في خاطر المرأة أو يؤرقها بل يتعداه ليشمل كافة طرق التعبير الأخرى، فعلى المرأة أن تعبر عن جسدها و لغته بطرق غالباً ما تكون محكومة بالأخلاق و الحشمة أو بمتطلبات السوق الاستهلاكي، عليها ان تعبّر عن أفكارها برسم ، بفيلم، بإيماءة تليق بجندرها و تخفي أكثر مما تكشف..

تتآمر كل الأماكن لجعل هذه الآلية أمراً أبدياً و محبّذ اجتماعياً .. تبدأ هذه العملية في الأسرة في كافة المراحل و ترافق المرأة في دراستها لما تتعرض له من ذكورية و تملق و تسليع و استخفاف بأي رأي قد تبديه ، لتستمر إلى مجال العمل الذي يؤطّر هذا الدور أيضاً من خلال تقسيم العمل حسب الجندر ، والقوانين المجحفة. إن إسكات المراة متمأسس  بشكل مخيف و هو يبرز مخالبه بحزم شديد عندما يكون أداة قاتلة في حالات كالاغتصاب، العنف الأسري…

كان يوم الأحد الماضي بمثابة صرخة عالية تخترق المحرمات التي باسمها تسكت المرأة .. فقد تعالت الصرخات خلال التظاهرة التي نظمتها جمعية كفى-عنف و استغلال و التي من شأنها مطالبة مجلس النواب بإقرار قانون العنف الأسري و الذي يقتضي بمعاقبة المعتدي على النساء و يتيح للمرأة أن تضع إلى حد ما حداً للعنف الذي يرافقه في أسرتها .. تعالت الهتافات من مكبر الصوت الذي احتل مقدمة التظاهرة. الهتافات كانت تطالب النواب بإقرار القانون و بحماية المرأة، مشيرة أن للنواب بنات و أمهات و أنهم يجب ألا يقبلوا هذا العنف..

توافد إلى التظاهرة أشخاص من المجتمع المدني، نسويات/ين ، و ناشطات/ين من حملات و مشارب متعدّدة و متنوّعة.. كان بيننا حقوقيات/حقوقيون، يسار، يمين… اعتبرنا جميعاً، مع أن الساحات قد بدات بالتلاشي شيئا فشيئاً، فإن تظاهرتنا هذه هي مساحة حرّة نبتعد قيها أكثر ما يمكن عن ممارسات الإسكات التي غالباً ما تكون فعلا ذكوريا أو نتاج المجتمع الذكوري.. أخذنا نعبّر عما نريد، عن مطالبنا، كون الشارع هو ملك لجميع الناس و حاضن لاصواتهن/م .. كنا مجموعة صغيرة أرادت لنفسها أن تصرخ عالياً رافضةً للذكورية المعلنة و غير المعلنة، أرادت أصواتنا أن ترتفع رافضةً للتقاليد التي تقيدنا و تحتّم علينا أن نلتزم بأدوار جندرية معيّنة و مفصّلة سلفاً، و أردنا أن نتضامن مع أخواتنا اللواتي يشاركننا في تلقي هذا العنف و هذا القمع ، مع أخواتنا في محيطنا العربي المنتفض على أنظمته الذكورية البالية، و أرادت أصواتنا أن ترتفع و ترفض تسييس مطالبتنا بحقوقنا عندما أتت النائب ستريدا جعجع ليس اعتراضاً على تظاهرها معنا بل على ختامها للتظاهرة .. ربما كنا مخطئات، متسرّعات، لم نراع الاستراتيجيات او التكتيكات، و ربما لا. و لكن ما كان يدفعنا إلى التعبير هو أهمية الخروج عن هذا الصمت المفروض علينا، هو أن تعلو تلك الأصوات المختلفة دون أن يسكتها أحد مرة اخرى

  

Publisher: 

Sawt al' Niswa

Section: 

Category: 

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: