لم تلبث الامة اللبنانية ان استيقظت من ازمة الحمص و التبولة التي كادت ان تنسف نواة الهوية اللبنانية حتى باغتتها قناة الجديد بطريق يكاد ان يكون الضربة القاضية على الفخر و الشموخ اللبناني.
بثت قناة الحديد في نشرتها المسائية يوم الاحد العاشر من نيسان ، تحقيقا يكشف ان لحن النشيد الوطني اللبناني “مسروق ” من فولكلور من المغرب.
بصراحة لم اشاهد التقرير الذي تم بثه و لكن ما ان فتحت صفحة الفيس بوك الخاصة بي ، حتى رايت وابلا من التعليقات و التعابير المنشورة على حائط مجموعة اسقاط النظام الطائفي – نحو نظام علماني، و قد بينت هذه التعليقات ان الصدمة التي تعرض اليها هؤلاء كانت القشة التي قسمت ظهر البعير لدرجة ان البعض قد حسم قراره بالهجرة من جراء ذلك !!
68 عاما من المجد و شموخ و الارز و مزيد من الارز دمرها تقرير ، انتج و للمرة الاولى نقاشا حول النشيد الوطني اللبناني .. و لكن لحظة لحظة 68 عاما، لم يجد هؤلاء ما يعلقن/ون عليه سوى لحن مسروق. لحن مسروق !! و كان النشيد العظيم لا تشوبه اي شائبة اخرى .
لن ادخل هنا في نقاش حول فكرة النشيد الوطني و مفهوم الوطنية بحد ذاته ، اذ انه برايي يحتوي على عنصرية مطابقة تماما للطائفية التي يحاربها هؤلاء، لا بل اسوأ ، خاصة و ان الطائفية هي امر ينبذه الجميع و لو فقط بالقول، او على الاقل لا نجد شخصا يتبجح على شاشات التلفزة و في الاعلام و الاماكن العامة و الخاصة و هو/هي يتغزل بمحاسن الطائفية، اما الوطنية و فكرة النتماء للوطن فهي وسام يعلقه/تعلقه الشخص على صدره/ها و يتشدق/تتشدق به في كافة المحافل . نعلم جيدا ان نبذ الطائفية ياتي من ما ادت اليه من حروب و تفرقة و دمار و لكن الم تشن حروبا قتلت الملايين باسم الانتماء الى الوطن او الوطنية ، اما شيدت آلاف السجون فقط من اجل اولئك الذين/اللواتي جاؤوا “خلسة” الى “الوطن”، او انتهت مدة اقامتهم . سجن العدلية مثالا وضحا للوطنية. تلك مجرد اسئلة برسم المفاهيم التي يستميت البعض من اجل الدفاع عنها كالوطنية، الاخلاق، الشرف…
اما بالعودة تحديدا الى النشيد العظيم بحد ذاته الذي يقول في المقطع الاول منه التالي:
كلنـا للوطـن للعـلى للعـلم
ملء عين الزّمن سـيفنا والقـلم
سهلنا والجبـل منبت للرجـال…
لحظة هل سمعت جيدا ؟
لقد ردد اللبنانيون/ات هذا النشيد تقريبا بشكل يومي في المدرسة، و كافة المناسبات الوطنية و “النضالية” و لم يتوقفوا/ن عند الذكورية المفرطة لمطلع النشيد. حقا منبت للرجال ! الوطن للرجال اذن، العز و الشموخ و العلا و القول و العمل كله للرجال .
هذا و يبتدا المقطع الثاني ب “شيخنـا والفتـى عنـد صـوت الوطن” ، و لكن النساء لسن عند صوت الوطن ، ربما هن عند صوت الطبخ او الغسيل او هن فقط لمساندة الرجال لكي يجلبوا الفخر للامة.
غياب المراة كشريك و ند في الحياة ليس بامر جديد على الدولة اللبنانية و النشيد الوطني ليس بمعيار ، فالمراة ما زالت تعاني التمييز على المستويات كافة سواء القانونية، العمل ، السياسية، الاجتماعية … و لكن السؤال هنا موجه و بالتحديد للناشطين/ات الذين/اللواتي يهتفون/ يهتفن النشيد دون ان يرف لهم/ن جفن او دونما ان تتبادر الى اذهانهم/ن اية علامة استفهام .
لقد قامت صوت النسوة في عددها الخاص بعيد الاستقلال بنشر اقتراح نشيد وطني ارسلته مواطنة (http://www.sawtalniswa.com/2010/11/a-song-for-the-nation/)، اكرر اقتراح المواطنة على اعتماد هذه النسخة لانها تعبر عن واقع نعيشه يوميا في حياتنا في هذه البلد .
وفي الختام اود ان اشدد على نبذي لمفهوم الوطنية و الاوطان ، و كما قالت فيرجينيا وولف ” انا كإمراة ليس لدي وطن، كامراة وطني هو العالم باسره. “
Publisher:
Section:
Category: