الادفمينستم : فن التهجمم على النسويات

image from: izquotes.com and Thoughts on Art and Life by Leonardo da Vinci (Merrymount Press, 1906 edition), p. 11

تذكرت “خطأ شائعاً في فن المناقشة الذي درسته في صف الفلسفة في الجامعة ضمن مادة تدعى “علم المنطق” وتحديداً في مقدمة هذه المادة وذلك منذ عشر سنوات تقريباً. وكان هذا الخطأ يدعى “التهجم الشخصي” (والمصطلح باللغة اللاتينية هو أدهومينوم ويترجم “الى الشخص” و“التهجم الشخصي” وهو أسلوب شائع يستخدم في النقاش والحوار ولكنه خاطئ ولا يجوز أخلاقياً استعماله في النقاش وعادةً ما نقوم من خلاله بالتعرض إلى الشخص الذي يشارك في الحوار أو النقاش معنا وذلك بهدف “تكذيبه/ا” من خلال تصويب اتهامات غير متعلقة بالنقاش ضد شخصهم وليس آرائهم. وهنا تجدون بعض الامثلة على الأدهومينوم”” :

أ: لنذهب إلى مطعم سمير إذ لديهم أطباق متنوعة.

ب: لا، لنذهب إلى مكان آخر، فأسعار مطعم سمير غالية.

أ: لا تستطيعين أبداً اختيار مطعم جيد( أو أنت بخيلة جدًا ) أو (لماذا تحبين إزعاجي؟)!

هنا نرى (أ) وبدلاً من الردّ على (ب) الذي قدم/ت بدروهردّاً مناسباً على إقتراح (أ)، تهجم/ت على (أ) وصغّرشأنهمزدرياً برأيه/ا، وذلك بناءً على اتهامات خاطئة أساساً وخارجة عن الموضوع. لو قال/ت (أ) : هذا كذب، لا، مطعم سمير اقتصادي ونستطيع تحمل كلفة الوجبة فيه، لكان من الوارد أن يكون لديهوجهة نظر، ولكنهعوضاً عن ذلك، تهجم/ت على (ب) وذلك من خلال التعرض له/لها شخصياً دون المساس .برأيه/ا (

في ما مضى، كان ” التهجم” أو “الأدهوميمنم” مصطلحاً حيادي الجندر كمصطلح “إنسان”، ولكن من المثير للاهتمام أن نرى كيف تحول هذا “الخطأ” في معايير النقاش والحوار الى استراتجية لا تنفك تستعمل حين يتم النقاش أو الحديث مع أو عن النساء : ونستطيع أن نسمي هذا الاسلوب بمصطلح” الأدفمينم” خذوا مثلا”“ad feminem.”

آه، وقعت حادثة السيارة لأنك امرأة والنساء لا يجدن قيادة السيارات، بدلاً من “وقعت حادثة السيارة لأنك لم تدوسي على الفرامل في الوقت المناسب.التهجم على النسويات (كأشخاص)هو منطق خاطئ ولكنه قائم بحد ذاته، وسأركّز على نوع محدد من هذا النقاش المميز جنسياً والذي أطلق عليه تسميةأدفمينسنم : التهجم على النسويات” . نعم أيها الأصدقاء، إنّ التهجم على النسويات هو من أكثر النقاشات المستندة على التمييز الجنسي، وهي تقنية عدم إعطاء مصداقية لآراء النساء، خصوصاً أولئك اللواتي يؤمنّ بالمساواة الجندرية واللواتي لا يتنازلن عن حقهن في إعلان مواقفهن من التمييز الجنسي والجندري: مثلاً :

س: إذا كانت النساء اللبنانيات لا يستطعن إعطاء الجنسية لأولادهن فلا يجدر بهن الزواج من أجانب من الأساس!!

د:يحق لكل فرد أكان امرأة أو رجلاً أن يمنح عائلته أو عائلتها الجنسية التي ي/تحملها، لماذا التمييز بين المرأة والرجل؟

س: آخ!! ماذا تعرفين أصلاً؟ فأنت لا يعجبك العجب أبداً؟!

أو

س: أكيد هذا تفكيرك! فأنت امرأة وبالتالي، أنت متحيزة لجنسك

ونرى التهجم النسوي في أسوأ أشكاله عندما يبدأ الحديث عن المواضيع المتعلقة بالجنسانية وتصبح النساء في أغلب الاحاديث داعرات وفاسدات الأخلاق وسحاقيات .

ط: برأيي، من حق النساء أن يمارسن الجنس كما يحلو لهن طالما تتوفر لهن التوعية عن الصحة الجنسية ومنع الحمل والجنس الآمن، ولديهن الثقة والقناعة التامتين بقرارهن.

ظ: ولكن هذا يؤدي الى تفكيك المجتمع! لن تتزوج النساء بعد ذلك ولم يبقين مخلصات لشركائهن وستسود الفوضى

ط: في الواقع، نيل النساء حرية مماثلة لحرية الرجال وترويج موقف إيجابي من الجنس والجنسانية من قِبل الرجال والنساء على حد سواء يؤدي الى مجتمع أكثر مساواةً وانفتاحاً و صحةً.

ظ: أنت داعرة وتحبين ممارسة الجنس مع أي كان ولذلك تريدين جميع النساء أن يتصرفن مثلك

أو:

ظ: أنت سحاقية وتكرهين الرجال وتريدين إلغائهم من المجتمع

وتصبح الاتهمات هذه شديدة الأذى( ولا يعني هذا أنّ هناك مشكلة في أن تكوني سحاقية أو ناشطة جنسياً) وشخصية، موجهة ضد الذات وضد أجساد النساء. وهذا ما يصُعّب على النساء كفاحهن وقد يكون السبب في مثابرة القليل منا فحسب. كلما دافعنا عن حقوق المرأة نتهم بأننا غاضبات وعوانس حاقدات على المجتمع. وكلما حاولنا أن نفكك الجندر نتهم بأننا بشعات ومريضات نفسياً ولدينا عقدة كره الرجال. وكثيراً ما نتهم بأننا عنيفات لأننا نرفع أصواتنا ونرفض أن نكون مهذبات حين يعني التهذيب أن نسكت أنفسنا. ونخرسها

ويظن العديدون أننا نفتقر إلى حس الفكاهة. الواقع هو أنّ لدينا الكثير من الفكاهة ونحب المزاح عندما يكون المزاح مضحكاً والمزاح على حساب التقليل من شأن النساء ليس مضحكاً بالنسبة إلينا . عندما نوقظ الصوت القوي في صميم الشابات والشبان نتهم بأننا نخرب المجتمع ونطيح بنظام اجتماعي منظم وناجح. عندما قلنا إنّ أغنية محمد اسكندر لا تهين النساء فقط بل تروج أيضاً التمييز الجنسي على أنه امر عصري ورائع، نُعتنا بأننا كارهات للرجال وغير متحضرات ووقحات وداعرات عنيفات. وعندما دعمنا شبان يتمتعون بقناعة كافية في جندرهم نُعتوا بأنهم لوطيون. ولا يقتصر الأمر على إطلاق النعوت بل هو طريقة منظمة للنقاش تستعمل لإسكاتنا كنساء وتهويلنا والمس بمصداقيتنا و مصداقية نقاشاتنا!

أصدقائي، تسمونني نسوية وكأنّ النسوية أمر خاطئ رغم أنّ العكس صحيح. إنه موقف سياسي أعتنقه بفرح وبغض النظر عن أرائكم في الكلمة، أكنتم تستعملونها للذم أو للمديح، ينص المنطق على أنكم لا تستطيعون استعمالها لإسكاتي.

لا تستطيعون أن تستعملوا أي شيء انا عليه أو (تعتقدونه عني) ضدي. يمكنكم أن تحاربوا أفكاري وآرائي ومنطقي بدلاً من أن تتعرضوا إلي وتهاجموني شخصياً. عندما تهاجمونني شخصياً في المرة المقبلة فيما أناقشكم، سأعتبر أنّ النقاش انتهى وحُسم لصالحي!

 

Publisher: 

Sawt al' Niswa

Section: 

Category: 

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: