فى ميدان التحرير أسقطنا نظام مبارك، و تعلمنا كل ما هو إيجابي في مناهضة الديكتاتورية والقمع، لذلك قررت الكثيرات من الناشطات النسويات فى مصر أن يسقطن التمييز والتخلّف، والثقافة المتعفنة التى ما زالت تفرق بين الرجل و المرأة و تعتبر كل قضية تدافع عن المرأة نكتة تستحق الوقوع من الضحك عند سماعها…
اجتمعنا نساءً و رجالاً فى ميدان التحرير فى اليوم العالمى للمرأة ،متحمسين ومتحمسات كالعادة، أعمارنا متفاوتة بين أساتذة جامعة و كاتبات إعلامين وإعلاميات وطلاب وطالبات .ونظمنا شعاراتنا والبهجة تملأ قلوبنا بالرغم من قلة عددنا الذى لم يتخطى مائتى متظاهر/متظاهرة فى بداية الوقفة. كانت شعاراتنا “عندى أب و أم، عايزة رئيس او رئيسة“، “صاحب بالين كداب و جوز أربعة منافق” و غيرها. كان هدفنا الأساسى هو “مشاركة المرأة فى المستقبل الدستورى و القانونى و السياسى لمصر“..
كنت أحمل لافتة مكتوب عليها “مقياس حرية المجتمع هو حرية المرأة“ عندما فاجأتنى سيدة أربعينية و هى تقول “أنتم عايزين تخربوها أكتر،هي الرجالة عارفة تمسك عشان النسوان تمسك!!!”،هكذا قالت تلك السيدة و ذهبت وتركتنى ألعن هذا المجتمع الذى زرع بذرة الجهل فى عقلها. لاحظ أصدقائى غضبى وهم كانوا يشاركونني فيه لتعرضهم إلى مواقف مشابهة ، كنا بدأنا نغنى “كورال” بمطالبنا، و كان عددنا في تضاعف،
ولكن لم يتركنا المتعفنين لنهنأ. لا نعرف من أين أتى هذا الشيخ الذى أخذ يسبّنا و يكفّرنا،أخذ يردد و حوله مجموعة من الرجال ” أنتم كفرة، دة ربنا قال صوت المرأة عورة،و أنتم فرحانين قوى بنفسكم و نازلين تتظاهروا“، تكفل أحدنا بالرد بالمنطق و نفى أن ما يقوله لا علاقة له بالدين،و كنا نعلم تماماً أن النقاش مع شخص سلفى لن يؤتى بنتيجة،فأكملنا الهتاف بمطالبنا، و تلك اللحظة كانت بداية أسوأ ساعة مرت فى حياتى، حيث تخلل داخلنا الكثير من البلطجية و أدوا دورهم من التحرش الجنسى و قطع اللافتات، تعرضنا إلى التحرش الجنسى فى مظاهرة أحد مطالبها هو قوانين صارمة ضد التحرش!!
بينما كان تقف مجموعة من الرجال يتخللهم الكثير من السلفيين والمتشددين دينياً ينعتوننا بأقذر الشتائم، و يرددون “باطل،اطلعوا برا،روحوا على المطبخ” و بين تبجحهم و ثقافتهم الدنيئة كانوا يرددون ” الشعب يريد إسقاط النسوان“!!
أحد هؤلاء الرجال كان ذو لحية قبيحة ، اعترض طريق فتاة قائلاً “كمان مسيحية و مرة! بتطالبى بإيه يا ******”! تعاملت معة الفتاة بشجاعة حتى تدخل صديق عندما بدأ هذا الرجل بالتبجح وقال بلغة منحدرة جداً إنه يريد أن يمارس معها الجنس و إنه يستطيع أن يعرّيها هنا فى الميدان!
هذ الرجل هو نتاج مجتمع متعفن، حكم أنها مسيحية فقط لعدم ارتدائها الحجاب،و عبّر عن وجهة نظره بأنّ المرأة لا مكان لها إلاّ السرير…
و الغريب جداً أنّ هؤلاء الرجال يعتقدون أنّ هذا حقهم و يبررونه بالدين، لا أعرف كيف أمنت عقلية بهذا العته!!
هكذا تعرضنا إلى التحرش،الضرب،السب فى يوم المرأة العالمي،حتى أصدقاءنا الرجال تعرضوا إلى السب بأنهم ليسوا رجالاً..
الرجال الذين شاركونا هم أفضل شباب فى مصر،شباب تمكنوا من التحرر من تقاليد المجتمع و القيود العقلية و النفسية التي يزرعها أهالينا داخلنا!
حدث فى طهران،فى مظاهرة ضد الحجاب، 8 مارس 1979 ،شىء مشابه لما حدث لنا فى 8 مارس 2011…شىء محبط إلى أقصى درجة أن نرى هذا يحدث فى مصر بعد ثلاثين عاماً من حدوثه فى إيران.
فى صباح 8 مارس، كنت أكتب مقالاً لأحتفل بهذا اليوم المميز و كنت أريد أن أتممه بنماذج ومواقف مبهجة من مظاهرة المرأة، ولكن هذا ما حدث فلم أستطع أن أعود إلى تلك الحالة من البهجة…
Publisher:
Section:
Category: