أحلام فتاة عادية

يجعل الصيف النوم مستحيلاً أو هذا ما أريد أن أقنع به نفسي، فاليوم كان شديد العادية. لم يتخلله حدثاً مثيراً يجعلني أعتقد أن حياتي تأخذ منحىً درامتيكياً أو تذهب في اتجاه قد يبدو في أُفقِه بعض الغموض. كعادتي وقبل أن أضع رأسي على الوسادة، أخذت على عاتقي أن أنظم أحلامي، فوددت أن أحلم أولاً بأمر بديهي، كأن أجد في الزاروب الملاصق للبناية التي أسكن فيها حقيبة مليئة بآلاف الدولارات وانتظر بضعة أيام ولا يأتي أحد للمطالبة بها. وأقوم في نهاية الحلم  بتحقيق بعض من الأفكار التي تخطر ببالي، كأن أشتري بيتاً وسيارة وأقوم برحلة سياحية الى قبرص وتركيا كل عام مرتين.

ومن بعد هذا الحلم وددت أن أحلم بطفولتي أو بلحظات منها، فوددت أن يكون الحلم واضح الرؤية والأشخاص وأن يدور حول حادث معين في طفولتي، مثلاً، حين كنا “نفرط” الزيتون في موسمه مع جدتي وكيف كانت تطعمنا سندويشات “بيض وبطاطا” خلال الاستراحة وتطلب منا الصمت التام. وفي سري، وددت لو يكشف لي الحلم سر هذا الطلب الملحّ من جدتي، لعله يزيدني معرفةً أطبّقها في حياتي الحقيقية وتكون مفيدة.

 

بعد الحلم هذا، لم أعد أستطيع أن أفكر بتفاصيل الحلم الثالث والذي أوده أن يكون الأخير في الساعات التي أقضيها نائمة، وددت موضوعه أن يكون أمراً شديد الخطورة والاستحالة كأن أحلم بكل ما لا أعرفه وألاّ يكون رمزياً، وددت لو أحلم بمستقبل المنطقة، فماذا لو شنت إسرائيل حرباً ولم تكن كتلك التي مررنا بها في العام ٢٠٠٦؟ فما الذي قد يحصل؟ هل على الجميع إخلاء بيوتهم والنوم في الشارع؟ ماذا لو قام الجميع بالسكن على الشواطئ، هل ستقصف إسرائيل الشواطئ؟ ماذا لو قام الجميع باحتلال السفارات الأجنبية، هل ستقصفها أيضا؟ هل ستتدخل مصر والأردن وإيران  وتقصف إسرائيل وتدمّرها؟

الفكرة كلها غير صالحة للأحلام وهو أمر غير بعيد عن التحقيق. لم أكن أريد أن أحلم بأمر قد يكون أحد الهواجس التي تجول في خاطري كل ما مررت بحالة ذعر أو عدم استقرار. أود أن أقرر على حلم يسليني في نهاراتي المملة والتي أقضيها ما بين الجلوس في الفان رقم ٤ صباح كل يومٍ متجهةً إلى عملي وبين طابور الانتظار قرب  فلتر المياه الساخنة و طاولة النسكافيه في العمل للحصول على كوب من القهوة، متفاديةً إجراء الأحاديث الصباحية والتي غالباً ما تؤكد لي أن حياتي مملة.

 

أردت أن أحلم بأمر أستطيع التفكير فيه طوال النهار ويسليني في رحلتي في الفان رقم ٤ الى البيت والتي غالبا ما تكون من أكثر اللحظات حماسةً في نهاري. ففي الفان، إذا لم أستطع الجلوس قرب سيدة، أمضي وقتي في الانتباه إلى ما يجري من حولي وغالباً ما يولّد الجلوس قرب الركاب من الرجال إحساس مكوناً من مزيج الانزعاج وتكون أعصابي مشدودة وأصغي تماماً إلى الطريق وتعرجاتها، فقد حاول ركاب عدة في رحلات كثيرة أن يرموا بأجسادهم عليّ عند أي منعطف أو أية جورة، وأحاول عادةً أن أجلس على المقاعد الأمامية. الجلوس قرب الباب يولّد لدي احساساً بالراحة، رغم أنه لا يخفف من التصرفات التي يقوم بها الركاب.

قريباً ستصبح الساعة ١٠:٣٠ علي أن أحاول النوم، ربما سأترك الحلم لمخيلتي رغم أن تجاربي السابقة  انتهت  بكوابيس مزعجة. لا أدري، ربما أستطيع أن أقرر على حلم مستوحى من يومياتي بغض النظر عن الملل الذي يتخللها، فبعد الاستحمام وتحضير الفطور لأخي والذهاب الى العمل، ومن ثم العودة الى المنزل، لا أقوم بأي أمر مهم، فأنا حريصة على سمعتي في الحي ولا أبني أي صداقة خارج إطار العمل، أو الزمالة، ولا أتحدث إلى جاراتي أبدًا كونهن متزوجات بمعظمهن ومن المؤكد أنني لا أستطيع أن أتحدث عن الحياة الزوجية، فأنا ما زلت في أواخر العشرين وقد يأتي من يطرق بابي في أي لحظة.  عادةً ما يقلقني في هذا الحي، هو الدكان الذي نشتري منه مستلزمات البيت، فأنا اكره الساعة التي أضطر فيها إلى شراء غرض ما، فالصبي الذي يعمل في المحل يزعجني ويحسسني بالقرف فهو لا ينفك يلتصق بي وأنا أحاول أن أختار الأغراض ولا ينفك يقوم بحركات غريبة الشكل بفمه. يقلقني أن يشوه صورتي في الحي أو أن يخبر أحداً عن المرات التي حاول أن يلمسني فيها، ربما سأحلم بموته رغم أن الموت من المواضيع التي حلمت بها مراراً في السابق ولم تعد تعطيني الإحساس نفسه.

الساعة ١٠:٥٠ دقيقة، أتقلّب في السرير و أسمع أخي يحضّر نفسه للخروج، فهو من محبي السهر وعادةً ما يأتي إلى البيت صباحاً  ليستحم ويتناول فطوره قبل أن يتوجه الى العمل. لا أدري كيف يستطيع أن يقوم بكل هذا ويبقى قادراً على العمل، فأنا إن لم آخذ حصتي من النوم، أحس بالتعب الشديد ويصبح نهاري متعباً، رغم أنني لا أسهر كأخي ولا أعتقد أنني أعمل مثله، فهو مدير مسؤول في بنك محترم وأنا موظفة في شركة كمساعدة مدير وذلك حديثاً. عملت كموظفة عاديه لمدة ٤ سنوات ولكن بعدما تمت ترقية زميلي الى منصب مدير، نلت ترقية الى منصب مساعدة وقد أفرحني الموضوع كثيراً واشتريت غسالة من الزودة التي أضيفت إلى معاشي. ورغم هذا، وبعدما أنظف البيت وأطبخ وأهتم بكل التفاصيل، أحس بالتعب الشديد ويصبح لدي رغبة في النوم باكراً، ولا أدري كيف يسهر أخي بعد العمل ومطولاً، وأنا اكيدة أنّ سهراته تصب في مصلحة عمله فنحن تربينا تربية صحيحة، أقلق عليه وأقلق على مستقبله

Publisher: 

Sawt al' Niswa

Section: 

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: