عند الطبيب

Forums: 

ـ مزوّجة؟ 
ـ لا

سألتني السكرتيرة في عيادة طبيب الأمراض النسائية. كان ذاك الطبيب الرابع الذي زرته في أسبوع واحد آملةً في إيجاد حل آخر غير الجراحة. أمي أصرت على التأكد لأن العملية كانت ستكلفني "إحصائياً" نصف حظوظي في الإنجاب طالما أن ذلك سيعني استئصال مبيض واحد وإبقاء الآخر ليتولى المهمة المستقبلية منفرداً. كل السكريتيرات سألنني السؤال عينه وأنا كان عندي الجواب عينه ولكن أحداً لم يخبرني أن ذلك سيحرمني واحداً من الخيارات المهمة التي تتعلق بصحتي الجسدية.
في عام ٢٠٠٧، أصبت بنوبة ألم حادة امتدت من أسفل ظهري إلى ركبتي حتى لم أعد قادرة على المشي واضطررت إلى قيادة سيارتي إلى المستشفى بصعوبة بالغة. بعد بحث وتمحيص تبين أنني أعاني من تورّم في أحد المبيضين بحجم ١١ سنتيمتراً واقترح الطبيب أن يقوم بإجراء عملية جراحية عاجلة لاستئصاله وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المبيض. طبيب آخر قال إنه سيستحيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه لأن الورم قد أتي عليه كلياً وتتالت الاقتراحات وازداد اصفرار وجه أمي خوفاً على أمومتي التي قد أحرم منها فيما أنا لا أرى أي مشكلة في خسارة بعض مشاريع الأطفال. ما كنت أقلق بشأنه هو ذلك الشق الذي سيحدثه مبضع الجراح أسفل بطني، ومع أن الطبيبة الخامسة قالت إنهم سيجرون لي قطباً تجميلية فقد كنت متيقنة أن جسدي لن يعود كما كان بعد الآن. التقطت صورة لبطني الملساء قبل ذهابي إلى المستشفى ولما أفقت من التخدير كان الجرح تحت الضماد بطول ٢٠ سنتيمتراً ومخدراً كلياً. ورغم مرور السنوات والتئام الجرح واختفاء أثره تقريباً لم تستعد النهايات العصبية في تلك المنطقة الشعور قط
بعد سنوات أخبرتني الطبيبة التي تقوم بإجراء الفحص الصوتي الدوري للتأكد خلو جسدي من أي أورام أخرى إن الأمر كان سيكون أكثر سهولة لو كنت "متزوجة". قالت: للمتزوجات، يمكن إجراء الاستئصال بالمنظار عبر المهبل! إلا أن أحداً لم يتبرّع بإخباري في حينها! ولو عرفت لما كنت لأتردد لحظة واحدة في الموافقة على الجراحة بالمنظار. إلا أنه تبين أن سلامة غشاء بكارتي كان أهم من فقدان "بعض" الأطراف العصبية في بطني وأهم من معاناة شهر كامل من الألم وصعوبة المشي وأهم من المضاعفات والتقرحات التي تصيب الجروح أحياناً وأهم من أن يكون لي رأي في ما أستطيع أن أفعله بجسدي! أصلاً لم يسألني أحد عن غشاء بكارتي، إن كان موجوداً أو إن كنت أحفل به. والأهم من ذلك أدركت لأول مرة كيف يمكن لسؤال ستكرتيرة الطبيب عن وضعي العائلي أن يحمل كل هذه السلطة على جسدي ويصادر حريتي في تقرير مصيره وكيف يمكن للطب في لبنان ألا يعمل لمصلحة المريضة بل لمصلحة أبيها وأخيها وزوجها المستقبلي.

 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: