تطبّق اليوم “صوت النسوة” السنة، كصحيفةٍ نضرةٍ تزهو بنفسها. تكمل شابتنا ثورتها على الظلم بأشكاله الجندرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. والواعد فيها، أنها تقف كلّ حينٍ حتى تحاور نفسها وتتحسّن.
وفي هذه الفترة من الثورات الشعبية العربية اللاّمركزية والأصيلة، نحتاج إلى “صوت” أكثر من أي وقتٍ مضى. ففي حين أنّ كلّ امرأةٍ منّا تنخرط في نضالات شعبها المصري والتونسي والليبي واليمني والبحريني واللبناني إلخ، علينا التمسك بهذه المساحة الحرّة حتى نرسم بأقلامنا طريقنا النسوي داخل هذه الحركات التحرريّة ونحدد مطالبنا، ونحققها.
سنة حلوة يا جميل. وفي ما يأتي نبذة عن جدّتك الكبرى أو جدّاتك الكبار، اللواتي ربما كان في خطابهن العديد من الثغرات الذكورية، ولكن أليس أيّ مسارٍ تحرري عملاً متراكماً، تشوبه الأخطاء، وينوّر طريقه التعلّم من تلك العثرات:
“الفتاة” – مصر
أول مطبوعة عربية تخاطب النساء، كانت مجلة «الفتاة» التي صدرت بمدينة الإسكندرية عام 1892 على يد اللبنانية هند نوفل. وكانت شهرية علمية وتاريخية وأدبية وفكاهية. عدد صفحاتها حوالي الـ40. وجاء في هذه المجلة أنها ستتابع مشوار وقضايا المرأة في الأزمنة الغابرة والقرون الوسطى وصولاً الى هذا العصر (أواخر القرن التاسع عشر). وكان مبدؤها الذي أعلنته هو “الدفاع عن حق المرأة المسلوب، والاستلفات إلى الواجب المطلوب.”
وكانت هند نوفل أول صحفية لبنانية في دنيا لعرب ومؤسسة الصحافة النسائية فيها فلقبت بـ“أم الصحفيات”. وتولّت اصدار مجلة “الفتاة” بترخيص باسم شقيقتها سارة، التي تنازلت عنه لانصرافها الى الحياة الزوجية! (هنا يصلح التعلّم من الأخطاء!!). وسارة مشهورة بأنها أول من طالب علماء اللغة العربيّة باختيار كلمتين عربيّتين تعادلان كلمتي “دام” و “ديموازيل” الفرنسيتين.
“العروس” – سوريا
كانت أول صحيفة نسائية عرفتها دمشق هي “العروس” عام 1910 لصاحبتها ماري عبده، وكانت أدبية التوجه. وقد توقفت عن الصدور مع الحرب العالمية الأولى، ثم عادت إلى الصدور مرة أخرى بعد انتهاء الحرب، ثم توقفت نهائيا عام 1925.
“فتاة لبنان” – لبنان
وفي عام 1914 أصدرت سليمى أبي راشد “فتاة لبنان”. وهي أول صحيفة نسائية تصدر في لبنان.
“روز اليوسف” – مصر
تروي روز اليوسف في مذكّراتها قصة دخولها مجال الصحافة: «نبتت فكرة المجلة في محل حلواني اسمه «كساب» … وكنت جالسة ساعة العصر مع الأصدقاء محمود عزمي وأحمد حسن وإبراهيم خليل، نتحدث عن الفن… وتطرق الحديث إلى حاجتنا الشديدة إلى صحافة فنية محترمة ونقد فني سليم يساهم في النهوض بالحياة الفنية ويقف في وجه موجة المجلات التي تعيش على حساب الفن كالنباتات الطفيلية… ولمع في رأسي خاطر وقفت عنده برهة قصيرة، ثم قلت للزملاء بعد هذه البرهة من الصمت: لماذا لا أصدر مجلة فنية؟»
خرج العدد الأول من «روز اليوسف» يوم الاثنين 26 تشرين الأول سنة 1925، وأُنشئت الصحافة النسائية السياسية في وادي النيل.
ولدت روز اليوسف عام 1898 لأسرة لبنانية من مدينة طرابلس اسمها الحقيقي فاطمة اليوسف، عاشت طفولة صعبة. فقد فارقت والدتها الحياة عقب إنجابها، وأودعها أبوها محمد محيي الدين اليوسف لدى أسرة مسيحية حتى ترتب لها أمرها مقابل أجر كريم كان يدفعه لهذه الأسرة، وترك مربيتها خديجة معها. ولمّا توفي والدها، تغيرت معاملة الأسرة لفاطمة وتغير اسمها من فاطمة إلى روز.
وذات يوم قرر أحد أصدقاء الأسرة أن يهاجر إلى البرازيل ورغب في اصطحاب روز. حينئذ أسرّت إليها مربيتها بأنّ اسمها فاطمة وليس روز وأنّ والدتها جميلة توفيت فور ولادتها، وأنّ والدها قد توفى. خلال الرحلة نزلا الى سواحل الإسكندرية، حيث التقت روز بإسكندر فرح صاحب فرقة «الجوق المصري العربي» المسرحية، فأخذها لتعيش معه بمصر.
حمل العدد الأول افتتاحية لفاطمة اليوسف، أوضحت فيها جهدها لتصويب المجلّة نحو الحريّة والفن والمسرح. وقد كانت صحيفة “روز اليوسف” اليومية من أولى الصحف التي برزت في مجال التجديد الصحافي.
غير أنّ السنة الثالثة من حياة “روز اليوسف” كانت مرحلة انتقالية من صحيفة فنية إلى صحيفة سياسية. فكانت أول مجلة أسبوعية شعبية يتولى أمرها كتّاب وكاتبات وطنيّون. وإلى جانب مجلة “روز اليوسف” نشرت مؤسسة روز اليوسف، العديد من الإصدارات الصحفية، منها صحف صدرت خلال فترات مصادرة “روزاليوسف” منها: صدى الحق، الرقيب، مصر الحرة، الشرق الأدنى، الصرخة.
تحملت فاطمة اليوسف السجن والاعتقال في سبيل نضالها. ولمّا طلبت استكتاب عباس محمود العقاد رفض أن يعمل معها لأنها امرأة، حتى ابنها الأديب الكبير إحسان عبد القدّوس كان دائماً يعتقد أنّ مكان المرأة في البيت، لكنها كانت تردّ قائلة، «كما قال مصطفى كامل: لو لم أكن سيدة لوددت أن أكون سيدة!».
“ليلى” – العراق
صدر العدد الأول من “ليلى” في 15 تشرين الأول 1923، وعرّفت المجلة بنفسها على أنها “مجلة نسائية شهرية تبحث في كل مفيد وجديد مما يتعلق بالعلم والفن والأدب والاجتماع وتدبير المنزل”.
افتتحت بولينا حسون العدد الأول قائلةً إنّ البعض قد يعتقد أنّ “ظهور مجلة نسائية في العراق من الكماليات التي لا حاجة إليها الآن، وأنّ المناداة بنهضة المرأة العراقية نفخ في رماد، فهؤلاء وأمثالهم معتادون إطفاء الأرواح ولعلهم من بقايا الوائدين”.
ناقشت المجلة قضية النهضة النسوية. فجاء في افتتاحية عددها الثالث تحت عنوان: حديث ربات المنازل، “إنّ الدعوة التي طرحتها مجلة “ليلى” بصدد مسألة نهضة المرأة قد لقيت الاستجابة في المجتمع وأصبحت حديث المنازل والمنتديات والصحف، وقد قامت مجموعة من السيدات بعقد اجتماعات قررن فيها فتح ناد نسائي يضم كل من ترغب في الانضمام اليه، وتشكلت اللجنة من السيدات عقيلات نوري السعيد وزير الدفاع وجعفر العسكري رئيس الوزراء وأحمد الداود وامت الزهاوي وكريمة رئيس الوزراء وبولينا حسون.”
يقول المؤرخ عبد الرزاق الحسني في التعريف بمجلة “ليلى” إنها كانت عاملاً مهماً في تثقيف المرأة العراقية وتسديد اتجاهها، إذ ودعت مجلة أصحاب القرار الى النظر في قضية المرأة العراقية وقالت “إنّ المرأة أختهم وابنتهم وشريكة حياتهم لاصقة بحضيض الجهل والجمود والخمول، إنّ نجاح النهضة النسائية الناشئة منوط بغيرتكم وشهامتكم أيها الرجال الكرام لاسيما أنتم الذين تحملتم تأسيس الحياة الديمقراطية العراقية على قواعد عصرية راسخة. والحياة، وأنتم تعلمون، ليست حق الرجل فقط.”
تباينت المواقف على “ليلى” بين الصحف العراقية التي هاجمتها بأكثرها. فكانت جريدة المفيد لصاحبها إبراهيم حلمي العمر في مقدمة الصحف المهاجمة بشراسة.
فقامت جريدة العالم العربي بنشر رد تحت عنوان “تكذيب المدعي الخبرة”، ومفاده “لا تجزعي أيتها الآنسة الفاضلة ولا تبرد همتك يا بنت العراق من أقوال سخيفة، بل تشجعي وثابري على العمل فأهل الإصلاح مضطهدون في كل قرن، إنّ اليوم بدأ مجدك فلا مجد من دون ألم ولا تنسي أنّ نور الشمس يضرّ بعيون البوم ولا تغفلي من أنّ تلك الأيدي الأثيمة عينها أرادت أن تطعن (ليلى) حسون وأرادت ان تطعن (ليلى) الزهاوي إلاّ أنّ كيدها رجع الى نحرها وسيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون… لك يا ليلى أنصار… لك أيتها المصلحة النسائية من يأخذ بيدك والله وليك وولي كل مصلح”.
ويبدو أنّ الضغط والتضييق والحملات التي واجهتها بولينا حسون سواء من قبل المتزمتين أو الصحافة أو الإدارة السياسية قد دفعها إلى العدول عن الصدور للسنة الثالثة. وكانت النتيجة أن قُمعت تلك المجلة وتوقفت عن الصدور. وعلى الأثر حزمت بولينا حسون أمتعتها وغادرت العراق عائدة الى فلسطين (كون أمّها من أصل فلسطيني) وخلّفت وراءها ذكرى صحافية عراقية باسلة ورائدة في الحركة النسوية في العراق.
“صوت المرأة” – السودان
كانت مجلة “بنت الوادي” أول مجلة نسائية تصدر في السودان عام 1946، وأصدرتها السودانية من أصل أرمني “تكوي سركسيان” ، ولعبت هذه المجلة دوراً في تنشيط الأقلام النسائية للكتابة في الصحف، ولكن المجلة توقفت بعد ذلك بعامين لصعوبات مالية. ثم صدرت مجلة “صوت المرأة”، عام 1955، وصاحبتها “فاطمة أحمد إبراهيم”، وكان لهذه المجلة إسهام في الحياة السياسية، ولذا تم تعطيلها أكثر من مرة حتى توقفت نهائياً عام 1969.
“فتاة الجزيرة” – اليمن
شهدت عدن-في اليمن ولادة أول مجلة نسائية عام 1960. وصارت «فتاة الجزيرة» أول مجلة نسائية على مستوى الجزيرة برئاسة السيدة ماهية نجيب التي قالت في افتتاحية العدد الأول في 1/1/ 1960، “صحيفة «فتاة الجزيرة
Publisher:
Section:
Category: