في زمن الأسرار، البكاء هو الحلّ

The Scarred Clan

"دموعك أنهرٌ تقودك إلى وجهة ما. ذرفُها يخلق نهراً من حول السفينة التي تحمل روحك. تلك الدموع التي كلّما ذرفتِها ارتَفَعت السفينة عن الصخور، وعن الأرض الجافّة، وحُمِلت نحو الأنهر السفلى حيث المكان الجديد، والمكان الأفضل.
محيطات من الدموع لا تزال عالقة في عيون نساء حبسْنَها لأنهنّ ببساطة تدرّبن على حمل أسرار الآباء والأمّهات والإخوة، وأسرار الرّجال، وأسرار النفوس، معهنّ إلى القبر. فطالما نُظر إلى دموع النساء بحذرٍ من خطرٍ تجسّده قوّتها في نخر الأصفاد والمغالق المحيطة بالأسرار المكبوتةلكن باسم طبيعتِك البريّة، والحياة الدفينة داخل روحِك، ابكي. فالبكاء للنساء بداية انتماء إلى "قبيلة أصحاب الندوب"  The Scarred Clan.تلك القبيلة العابرة للزمكان والنابضة بنساءٍ سبقنك إليها من كل بقاع الأرض وعايشن، مثلكِ، أشدّ التجارب، لكنهنّ وقفن، ولا يزلن، وقفة النخيل في وجه الساخر من الجروح.
لكلّ امرأة قصص كثيرة ترويها، باتّساع مساحة المخلوقات الخياليّة في حكايات الجنّيات. لكن من بين تلك القصص، واحدة أو اثنتين أو أكثر تتّصل بما هو سرّي، وغير قابل للبوح، تتكلّف صاحبتها فترة زمنية أطول للكشف عنها، أو حلّ لغزها. وغالباً ما يتمحور موضوعها حول "العار" بمفهومه التاريخي وامتداده الزمني وحلوله اللحظوي، وكل ما من شأنه إثارة الخجل في النفس، مهما كانت النفس قويّة بنظر مَلكتها. في حيوات غالبية النساء، ليست تلك القصص، أو الأسرار، أحجاراً كريمة محفورة في إكليل، بل حصًى سوداء عالقة تحت جلود أرواحهن".
بعد قراءتي لهذا المقطع باللغة الإنغليزية للكاتبة كلاريسا بينكولا إستيس، ترجمتُه كما شعرتُ به إلى العربية، ورحتُ أستذكر أشكال الدموع التي هطلت من وجهي على مدى أعوام كثيفة، ونكهاتها، وسماكتها، ودرجات حرارتها، وغرازة هطولها، وأسائل وجهي أيّة مقلة أقوى في التدفّق الدمعي؟
ليس المقصود أن أذكّرك بنصيحة أخينا الثوري النسوي: "ثوري، أحبّكِ أن تثوري". فليذهب هو ونصيحته إلى جحيم الادّعاء والهروب. أدعوكِ فقط إلى أن تبكي، واشهقي متى أمكنك. فالبكاء يهزّ المغالق التي تخنق أسراراً جعلتك أسيرتها، وقصصاً غدت أسراراً بسبب ما حمّلوك إيّاه إلى أن اطمأنّوا أنك اليوم حملتِه، راضيةً، وصدّقت صكّ الملكيّة لأنه مكتوب باسمِك الثلاثي. لكنّ اسمكِ الحقيقي أُعطي لك يوم دخولك قبيلة أصحاب الندوب، وبعناده سوف يحيا، ليحييك.
لا أخفي أنني أخاف كثيراً. أخاف أن أراقبني خشية نفخ الروح في جنين الأنويّة. لكنّ سائلاً مميّزاً في أوقات الذروة كان يُخرج منّي نفسي ليعيدني إليها. هو الدمع. حروفٌ إن حُبِس، وكلامٌ إن سقط.    

Publisher: 

Sawt al Niswa

Section: 

Category: 

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: