إسلام وخلود*
نتساءل عن مفهوم الحب في زمننا الحالي، فنرى أننا لا نستطيع تعريفه بمعزل عن الأفكار التي زرعتها المنظومة الأبوية فينا. ففي حين أن الحبّ مشاعر راقية بين شخصين (بمعزل عن جنسهما)، والوجه الأسمى للحرية الشخصية، إلا أن المجتمع بتقاليده البالية يعود ويعطي نفسه الحق في تعليم الناس كيف يجب أن يتصرّفوا، حتى في خياراتهم الشخصية، ليفرض عليهم أموراً في "الحب" تحوّل الحب إلى كابوس بدلاً من حلم جميل.
لقد أصبح الرابع عشر من شباط يوماً لتتويج الحب على الطريقة الأبوية، فإذا لم يجلب الحبيب لحبيبته هدية، عاتبته أو كرهته، لأنها في هذه الحالة ستخاف من الإجابة عن سؤال زميلاتها: "شو جابلك عالفالنتاين؟". الحب مفهوم تحرّري، وهو قبل أي شيء آخر، تجربة فردية، وجماعية. لكن، كالعادة، سمّم النظام الأبوي هذا المفهوم منذ قرون. الحب في ظل النظام الرأسمالي؟ ليس إلا جانباً من جوانب التسلّح الأيديولوجي الأبوي. فماذا عن الفالنتاين؟
خلود: بالنسبة إليّ، الفالنتاين هو مجرّد يوم تكسب من خلاله المحال التجارية أموالاً طائلة، ويستمرّ الحال على مدى شهر كامل. في السابق، كنت وأعزّ صديقاتي نحتفل بصداقتنا في هذا اليوم لكي لا نشعر بالوحدة التي تسبّبه لنا هذه المناسبة. لكننا بعد أن أفلتنا من قبضة النظام الأبوي، أدركنا أن الفالنتاين هو مجرّد تحقيق مصلحة للنظام، وأن خلقه لدى "العازبين/ات" شعوراً بالذنب، أمرٌ مقصود. حتى أننا بتنا نندم على دعمنا للمنظومة تلك في يوم من الأيام. من أحد أهم تجاربي مع الحب ضمن النطاق الأبوي، محاولتي إيجاد "الشريك المثالي" في شبّان "شرقيين" يستغلون العلاقات الغرامية من أجل تحقيق رغبات جسدية بحتة. فعندما كنت أرفض تحقيق غاياتهم، اتّهموني بالنفاق وقالوا لي "مش إنتي متحرّرة و open minded؟".
لكن من قال إن التحرّر يكمن في تحرّر الجسد فقط؟ لقد جعل النظام الأبوي من كل ممنوع مرغوب، فحوّله بالتالي إلى مفهوم "تحرّري" يتوق ويتلهّف إليه روّاد هذه المنظومة سرياً ومن دون التفوّه بكلمة. الحب حرية يتصرّف بها الشريكان/تان كما ي/تريدان. الحب يعني أن نكسر القيود وأن نرفض الانصياع لثقافة الاغتصاب الجسدي والمعنوي.
إسلام: أنا أرفض أن أسمّيه عيد الحب. ما هو الحب في ظلّ نظام يسلّع أجسادنا؟ ما هو الحب في ظلّ نظام يسمح للرجل بقتلنا واغتصابنا؟ ما هو الحب في ظلّ نظام يُفقرنا ويجوّعنا ويجبرنا على أن نشغل أنفسنا بادّخار المال لشراء "هدية"؟ ما هو الحب في ظلّ نظام يفرض الثنائية الجندرية؟ ما هو الحب في ظلّ نظام يقمع الأقليات الجنسانية؟ ما هو الحب في ظلّ نظام يربط مفهوماً تحررياً بالزواج والدولة؟ ما هو الحب في ظلّ أنظمة ترفض قصة حبي إذا لم "يُتوّج بالزواج"، أو إذا تشابهت أعضاؤنا التناسلية؟ 14 شباط ليس عيد الحب. 14 شباط هو يوم تمجيد العلاقات الأحادية المغايرة. علينا إعادة صياغة الحب بعيداً عن القصائد التي كتبها الرجال، وبعيداً عن الأفلام والروايات التي تحوّلنا إلى ماكينات للجنس والإنجاب لا أكثر. علينا استعادة اللون الأحمر أيضاً. الأحمر للشيوعية (لا أدري لماذا)، والحب هو حرية وتحرّر من كل القيود الأبوية. الحب لا يخضع للسلطة. وتجاربي القليلة علّمتني أن الحب ليس لأمثالي من "الفقراء".
*من مجموعة راديكال : "لنسوية، مناهضة العنصرية، النضال من أجل العدالة اﻹجتماعية. هذه هي بإختصار المبادىء العامة اﻷساسية التي بنيت عليها مجموعة "راديكال". راديكال هي مجموعة طلابية في الجامعة اللبنانية (الحدث و الاونيسكو) تهدف إلى تغيير اﻹطار اﻹجتماعي القائم خارج و داخل الحرم الجامعي و بناء على ذلك يمكن حصر أهداف المجموعة الحالية في: -تفعيل النشاطات الثقافية و اﻹجتماعية في الحرم الجامعي: نقاشات، ندوات ثقافية و علمية، مطالعة ومناقشة كتب ومقالات... الخ. و تأمين مساحة آمنة لنقاش المواضيع الجندرية وغيرها. -المساهمة في توسيع شبكة التواصل بين الطلاب و الطالبات. -مناهضة كافة أشكال الذكورية و العنصرية في الحرم الجامعي. -خلق جو تعاوني بين كل المجموعات الطلابية و الدكاترة و الموظفين/ات
لمتابعة اخبار و نشاطات المجموعة: https://m.facebook.com/radical.lu/
Publisher:
Section:
Category: