حضرة القاضي

 

هذا النص هو ترجمة لرسالة كتبتها امرأة شابة تعرضت للاغتصاب وهي فاقدة للوعي في حفلة في جامعة ستانفورد. أما المغتَصِب فقد حُكِم بستة أشهر في السجن فقط

حضرة القاضي،

لو سمحتَ لي، سأقوم بمخاطبة المُدَّعى عليه مباشرة في مجمل رسالتي.

أنتَ لا تعرفني، لكنّك كنتَ في داخلي، ولذا نحن هنا اليوم.

يوم 17 كانون الثاني 2015، كانت ليلة سبت هادئة في منزلنا. حضّر أبي العشاء، وجلستُ إلى طاولة الطعام مع شقيقتي الصغيرة التي كانت تزورنا في عطلة نهاية الأسبوع. كنتُ أعمل بدوامٍ كامل، وكان الوقت يقارب موعد نومي. تلك الليلة، قرّرت أن أبقى في المنزل لوحدي وأشاهد التلفاز وأطالع، فيما تذهب شقيقتي إلى حفلة مع أصدقائها. ثم فكّرت أنها الليلة الوحيدة التي سأمضيها معها، وليس لدي شيء أفضل أقوم به. فلمَ لا أذهب معها؟ ثمّة حفلة سخيفة تبعد عشرة دقائق عن بيتي. سأذهب إليها، وأرقص بطريقة غريبة مثل البلهاء، وأُحرج أختي الصغيرة. في طريقنا إلى الحفلة، سخرتُ من فكرة أن شبّان المرحلة الجامعية الأولى سيكونون جميهم واضعين جهاز تقويم الأسنان. سخِرتْ أختي من كنزة الكارديجان البيج التي اخترت أن أرتديها إلى حفلة الأخوية، وقد بدوتُ لها كأمينة المكتبة. أعطيتُ نفسي لقب "الماما الكبيرة" لأنني عرفت أني سأكون المرأة الأكبر سناً في تلك الحفلة. قمتُ بتعابير سخيفة بوجهي، كنت مسترخية، شربت بطريقة سريعة من دون أن أحسب أن قدرتي على تحمّل الكحول تدنّت جذرياً منذ تخرجي من الجامعة.

الأمر الثاني الذي أذكره هو أنني وجدت نفسي على فرشة طبّية في رواق. رأيت دماً مجفّفاً وضمّادات على يديّ وكوعي. ظننت أنني وقعت وأنني في مكتب الإدارة في الجامعة. كنت هادئة جداً وتساءلت عن مكان أختي. شرح لي رجل الأمن أنني تعرّضت لاعتداء. بقيت هادئة لأنني كنت مطمئنّة أنه يتكلّم مع الشخص الخطأ. فأنا لم أعرف أحداً في الحفلة. عندما سمح لي أخيراً بأن أذهب إلى الحمّام، أنزلت بنطال المستشفى الذي أعطوني إياه ومررت يدي كي أنزل ثيابي الداخلية، لكني لم أشعر بشيء. ما زلت أذكر الشعور الذي اعتمرني عندما لمست يدي جسدي عوضاً عن لباسي الداخلي. نظرت إلى الأسفل ولم أرَ شيئاً. لباس القماش الخفيف، والحاجز الوحيد بين مهبلي وكل شي آخر، كان مفقوداً. كل شيء في داخلي كان صامتاً. لم أجد حتى الآن كلمات تعبّر عن شعوري في تلك اللحظة. كي أبقى قادرة على التنفّس، قلت لنفسي لربّما رجال الشرطة اضطروا إلى استعمال المقصّ ليقطعوا لباسي الداخلي ويستعملوه كدليل.

عندها، أحسست بإبر صنوبر تخدش رقبتي من الخلف وبدأتُ بانتزاعها من شعري. اعتقدت أن الأبر ربّما وقعت من الشجرة على رأسي. كان عقلي يتكلّم بشكل ليمنع جسدي من الانهيار، لأنّ داخلي كان يقول: ساعديني، ساعديني.

تنقّلت من غرفة إلى أخرى وحرامي يغطّي جسمي، وتركت آثار إبر صنوبر في كل غرفة جلست فيها. طلبوا مني أن أوقّع على أوراق كُتب عليها "ضحية اغتصاب" وأدركت أن شيئاً ما قد حصل فعلاً. صودرت ثيابي، ووقفتُ عارية، في حين كانت الممرّضات يقِسن الخدوش على جسدي ويلتقطن لها صوراً. عملنا ثلاثتنا على تمشيط إبر الصنوبر من شعري. ستّ أيادي لملء كيس الورق. قلن لي، كي يطمئنني، أنه مجرّد إجراء عادي. مجرّد إجراء عادي. أُجريت لي عمليّات مسح عديدة في مهبلي وشرجي، وأُعطيت حقنات وحبوب أدوية، وكان هناك كاميرا "نيكون" مصوّبة نحو ساقيّ الممدّدتين. كانت هناك مناقير موجّهة إلى داخلي، وكان مهبلي ملطّخاً بطلاء بارد أزرق للتحقّق من أي جروح وخدوش.

بعد ساعات قليلة، سمحوا لي بأن أستحمّ. وقفت أفحص جسدي تحت الماء وقرّرت أني لم أعد أريد جسدي. كنت مرعوبة منه. لم أعرف ما كان في داخله، وإذا ما أصبح ملوّثاً، من لمسه. أردت أن أخلعه مثل جاكيت وأتركه في المستشفى مع كل شيء آخر.

ذاك الصباح، فقط قالوا لي إنهم وجدوني خلف براميل النفايات، وأنه من المحتمل أن شخصاً غريباً اخترقني، وأنه عليّ أن أجري اختباراً آخر لفيروس نقص المناعة البشرية لأن النتائج لا تظهر فوراً. لكن قيل لي إنه الآن عليّ الذهاب إلى المنزل ومزاولة حياتي الطبيعية. تخيّلي أن تعودي إلى مواجهة الحياة مع هذه المعلومات فقط. عانقتني الممرّضات وخرجت من المستشفى إلى باحة موقف السيارات مرتديةً قميصاً وبنطلوناً جديدين لأنهم لم يسمحوا لي بأخذ أي شي غير عقدي وحذائي.

كانت شقيقتي بانتظاري، ووجهها مليء بالدموع والألم. بطريقة غرائزية، أردت فقط أن أخفّف من ألمها. ابتسمتُ لها، سألتها أن تنظر إليّ: أنا إلى جانبك هنا، وأنا بخير، كل شيء بخير، أنا إلى جانبك هنا. شعري مغسول ونظيف، لقد أعطوني شامبو غريب. اهدئي، وانظري إليّ، انظري إلى هذا القميص والبنطلون المضحكَين، أبدو كأني معلّمة رياضة. لنذهب إلى البيت، لنأكل شيئاً. لم تكن تعرف أن داخل ثيابي كان هناك خدوش وضمّادات على جلدي. كان مهبلي ملتهباً وقد أصبح لونه غريباً وحالكاً بسبب كل ما خضع له. كنتُ من دون لباس داخلي. أحسستُ بالفراغ لدرجة أنني لم أستطع إكمال كلامي ومصارحتها بأني أنا أيضاً كنت خائفة، أنا أيضاً مدمّرة. في ذلك النهار، قادتني شقيقتي إلى البيت وعانقتني لساعات.

لم يكن صديقي الذي أواعده يعلم بما حدث، لكنه اتّصل بي يومها وقال "كنتُ قلقاً عليك الليلة الماضية، هل وصلتِ إلى البيت بسلام؟" أحسستُ بالرعب. علمتُ منه أني اتّصلت به في تلك الليلة خلال السهرة التي ثملتُ بها وفقدت ذاكرتي، وتركت رسالة غير مفهومة على بريده الصوتي، وعلمت أيضاً أننا تكلمنا عبر الهاتف وأن كلامي لم يكن مفهوماً أبداً، لذا كان قلقاً عليّ. علمتُ أنه قال لي مراراً وتكراراً أن أذهب وأجد أختي.سألني مجدّداً "ماذا حدث ليلة أمس؟ هل وصلتِ إلى البيت بسلام؟" قلت نعم، وأقفلت هاتفي كي أبكي.

في الواقع، لم أكن مستعدة لأن أخبر صديقي أو عائلتي أنني اغتُصبت، وراء القمامة، ومن دون أن أعرف ممّن وكيف ومتى. وإن أخبرتهم، سأرى الخوف في عيونهم فيزداد خوفي. لذا، تظاهرت بأن كل ما جرى لم يكن حقيقياً.

حاولتُ أن أنسى كل شيء، لكن وطأته كانت ثقيلة لدرجة أنني لم أتكلم، لم آكل، لم أنم، لم أتواصل مع أي شخص. عند انتهائي من العمل، كنتُ أقود سيارتي إلى مكان منعزل كي أصرخ. لم أتكلم، لم آكل، لم أنم، لم أتواصل مع أحد، وأصبحت معزولة عن أحبائي. بعد أسبوع واحد من الحادثة، لم أتلقّ أي اتصال أو معلومات عن تلك الليلة أو ما حصل لي خلالها. الرمز الوحيد الذي أثبت أن تلك الليلة لم تكن حلماً سيئاً هو قميص المستشفى القابع في خزانتي.

ذات يوم، كنت في عملي أقرأ الأخبار على هاتفي حين استوقفني مقال صحافي. قرأته، وعلمت للمرة الأولى كيف وجدوني فاقدة للوعي، وشعري أشعث، وعقد طويل حول عنقي، وحمّالة صدري مسحوبة خارج ثوبي، وثوبي مسحوب فوق كتفيّ وأطرافه فوق خصري. كيف وجدوني عارية من الأسفل، حتى من حذائي، وساقيّ مفتوحتين، وقد اخترقني جسم غريب من قبل شخص لا أعرفه. هكذا عرفت ما حصل لي، وأنا جالسة في مكتبي أقرأ الأخبار في العمل. علمت ما حصل لي بالطريقة نفسها التي علم بها الجميع في العالم ما حصل لي. وقتها فهمت من أين أتت إبر الصنوبر في شعري. لم تقع من الشجرة. كان قد انتزع لباسي الداخلي وكانت أصابعه داخلي. لم أكن حتى أعرف هذا الشخص. ما زلت لا أعرفه. عندما قرأت عن نفسي في تلك الطريقة، قلت لا يمكن أن تكون تلك الفتاة أنا. لا يمكن أن تكون أنا. لم أقدر على تقبّل أي من تلك المعلومات. لم أقدر على تخيّل أن عائلتي ستضطر إلى قراءة المقال على الإنترنت. استمرّيت بالقراءة. في المقطع التالي، قرأت شيئاً لن أنساه طوال عمري. قرأت أن بالنسبة إليه، أحببتُ ذلك. أنا أحببت ذلك. مجدّداً، ليس لدي كلمات تعبّر عمّا شعرت به في تلك اللحظة.

في نهاية المقال، وبعد أن علمت كل التفاصيل الحيّة عن عملية اغتصابي، أدرج المقال تفاصيل الجدول الزمني لتمارينه في السباحة. لقد وُجدت تتنفّس، غير مستجيبة، في وضعية الجنين، ولباسها الداخلي بعيد بمسافة ستة إنشات عن بطنها العاري. للمناسبة، هو ماهر في السباحة. أنا أجيد الطبخ، لمَ لا نضع ذلك في المقال أيضاً؟ أعتقد أنه بالعادة يجب إضافة الهوايات وما نجيد عمله في النهاية، فنلغي بذلك كل الأشياء المقرفة والمريضة التي حدثت.

في الليلة التي أخذ فيها الخبر بالانتشار، جلست مع أهلي وأخبرتهم أنني تعرّضت لاعتداء، وأنه عليهم تجنّب الاطّلاع على الأخبار لأنهم سيتضايقون. لكن اعرفوا أني بخير. أنا هنا معكم، وأنا بخير. لكن في منتصف كلامي، بدأت أمي تعانقني لأني لم أعد قادرة على الوقوف. لم أكن بخير.

في الليلة بعد الحادثة، قال إنه لا يعرف اسمي، قال إنه لن يمكنه التعرّف على وجهي. لم يذكر أيّ حديث دار بيننا، أيّ كلمات، فقط الرقص والقبلات. الرقص كلمة جذابة. هل كنّا ندور ونلاعب أصابعنا؟ أو كان جسدانا يلامسان بعضهما في غرفة مليئة بالناس؟ هل كانت القبلات عبارة عن وجهين مضغوطين على بعضهما؟ عندما سأله المحقّق إذا كان ينوي أن يأخذني معه إلى غرفة نومه في المعهد الجامعي، قال لا. عندما سأله المحقّق كيف انتهينا معاً وراء القمامة، قال إنه لا يعرف. اعترف أنه قام بتقبيل العديد من الفتيات في تلك الحفلة، واحدة منهن كانت شقيقتي التي دفعته بعيداً عنها. اعترف أنه كان يريد أن ينام مع أحد في الحفلة. كنت أنا "الغزال المجروح في القطيع"، وحيدة وضعيفة، وغير قادرة جسدياً أن أدافع عن نفسي، فاختارني. أحياناً أفكر أنني لو لم أذهب إلى الحفلة، لما كان حصل كل ذلك. لكني أدركت أنه كان سيحصل، لكن لشخص آخر غيري. كنتَ على وشك خوض أربع سنوات من الحفلات الجامعية واللقاء بفتيات سكارى. وإذا كنتَ عازماً على أن تبدأ تجربتك الجامعية بهذه الطريقة، فكان من الحقّ أن لا تكملها.

في الليلة بعد الحادثة، قال إنه اعتقد أنني أحببتُ ذلك لأني فركت ظهره.فركة ظهر. لا تذكر إذا كنتَ طلبت موافقتي، لا تذكر أننا تكلّمنا أصلاً، لكنّك تذكر فركة الظهر.

مرّة أخرى، في الأخبار المنشورة ليقرأها الجميع، علمتُ أن مهبلي ومؤخرتي كانتا مكشوفتين تماماً، صدري تمّ لمسه، أصابع خرقت داخلي مع إبر الصنوبر، بشرتي العارية ورأسي حفّا على الأرض، خلف القمامة، فيما كان الطالب الجامعي المنتصب يجامع جسدي النصف عاري وغير الواعي. لكنني لا أتذكر. فكيف لي أن أثبت أنني لم أحبّ ذلك؟

فكّرت أنه من المستحيل أن تصل هذه القضية إلى المحكمة. لكن كان هناك شهود، ووسخ في جسمي. كان هو قد هرب، لكن أُلقي القبض عليه. لا بدّ أنّه سيسوّي الأمر، سيعتذر علناً، وسيكمل كلّ واحد منّا طريقه. لكن قيل لي إنّه جاء بمحامٍ لامع، وشهود خبراء، ومحقّقين خاصّين سيحاولون نبش تفاصيل عن حياتي الشخصية لاستعمالها ضدّي وإيجاد ثغرات في قصّتي تُبطل وجهة نظرنا أنا وأختي، فيتبّين أن هذا الاعتداء الجنسي ليس كما يبدو. وقيل لي إنه سيبذل قصارى جهده ليقنع العالم بأنّه ببساطة كان مشوّشاً.

لم يقولوا لي إنني تعرّضت لاعتداء جنسي وحسب، بل قالوا لي إنه بما أنني لا أتذكّر ما حصل، لن أستطيع أن أبرهن بأنني لم أكن أرغب بهذا الاعتداء. وهذا الأمر بالذات شّوهني، أتلفني، بل كاد أن يكسرني. فالارتباك الأكثر قساوة هو أن يُقال لك إنه تمّ الاعتداء عليك، وتقريباً اغتصابك بشكل صارخ وفي الخارج، إلا أننا لا نعرف بعد إذا كان يُعتبر ذلك اعتداءً. كان عليّ أن أحارب لمدّة سنة كاملة لأوضح بأنه ثمّة خطب ما في هذه المسألة.

حين طُلب منّي أن أكون مستعدّة لأخسر هذه القضية، قلت: لا يمكنني أن أستعد لهذا. هو مذنب منذ لحظة استيقاظي. ولا يمكن لأحد أن يقنعني بأن هذا الألم الذي سبّبه لي غير موجود. والأسوأ أنه تم تحذيري من أنه يعرف أنني لا أتذكّر، وبالتالي هو الذي سيقوم بتلاوة سيناريو الأحداث. سيمكنه القول ما يشاء من دون معارضة. لم يكن لدي لا صلاحية ولا صوت. لم يكن لدي أي وسيلة دفاع. سيُستخدم فقدان ذاكرتي ضدّي. كانت شهادتي ضعيفة، وغير كاملة، وقد دُفِعتُ إلى الاعتقاد بأنه ليس لدي ما يكفي لأربح هذه القضية. وهذا أمر مؤذٍ جداً. ظل محاميه يذكّر المحلّفين بأن "بروك" هو الوحيد الذي يمكننا تصديقه، لأنها هي لا تتذكّر.هذا العجز كان صادماً.

عوضاً عن أخذ بعض الوقت للشفاء، كل ما فعلته في مجمل وقتي كان محاولة تذكّر الليلة بكل تفاصيلها الموجعة حتّى أستعد لأسئلة المحامي العدوانيّة التي ستجتاح خصوصيتي وتقودني إلى أن أتعثّر وأناقض نفسي وأناقض أقوال شقيقتي. وسيصيغ المحامي أسئلته بطرق تتلاعب بأجوبتي. فعوضاً عن سؤال: هل لاحظتِ وجود خدوش، سأل:

أنتِ لم تلاحظي أي خدوش، صحيح؟ وهذه لعبة استراتيجيات، كأنه يمكن خداعي إلى خارج أي اعتبار لقيمتي لذاتي. كان الاعتداء الجنسي واضحاً كل الوضوح، لكن أنا التي كانت تتمّ محاكمتها، لأجيب عن أسئلة مثل: كم تبلغين من العمر؟ ما هو وزنك؟ ماذا أكلتِ ذلك اليوم؟ ما كان عشاؤك؟ هل تناولتِ مشروباً أثناء العشاء؟ لا؟ ولا حتّى ماء؟ متى شربتِ؟ كم شربت؟ ما كان الإناء الذي كان فيه شرابك؟ من أعطاكِ المشروب؟ كم تشربين عادةً؟ من أوصلكِ إلى الحفلة؟ أي ساعة؟ لكن أين بالتحديد؟ ماذا كنتِ تلبسين؟ لماذا كنتِ ذاهبة إلى هذه الحفلة؟ ماذا فعلتِ حين وصلتِ؟ هل أنتِ متأكدة بأن هذا ما فعلتِ؟ ولكن في أي وقت فعلتِ هذا؟ ماذا تعني هذه الرسالة على هاتفك؟ لمن كنتِ ترسلين الرسائل القصيرة على هاتفك؟ متى ذهبتِ لتتبوّلي؟ أين؟ مع من ذهبتِ لتتبوّلي في الخارج؟ هل كان هاتفك صامت حين اتّصلت بك أختك؟ هل تتذكرين أنك حوّلتِ هاتفك إلى وضعية صامت؟ حقاً؟ أود أن ألفت النظر إلى أنك في الصفحة 53 قلتِ إنه في وضعية ليُسمع. هل كنت تشريبن في الجامعة؟ قلتِ إنك تحبّين الحفلات كثيراً؟ كم مرّة فقدتِ وعيك؟ هل كنت تذهبين إلى حفلات الأخويات؟ هل علاقتك بصديقك جديّة؟ هل تمارسين الجنس معه؟ متى بدأتم بالخروج معاً؟ هل من المعقول أن تخوني؟ هل لديك تاريخ في الخيانة؟ ماذا قصدتِ حين قلت إنّك تريدين مكافأته؟ هل تتذكّرين متى استفقتِ؟ هل كنت ترتدين سترتك؟ ما كان لون سترتك؟ هل تتذكّرين أي شيء آخر من تلك الليلة؟ لا؟ حسناً، سنترك "بروك" ليزوّدنا بباقي التفاصيل.

تمّ ضربي بأسئلة مفصّلة وموجّهة شرّحت حياتي الشخصية وحياتي العاطفية، وتاريخي، وعائلتي. أسئلة تافهة تُراكم تفاصيل فارغة في محاولةٍ للعثور على عذر لهذا الشخص الذي لم يأخذ الوقت ليسألني عن اسمي، بل عرّاني بعد دقائق قليلة من رؤيتي. بعد الاعتداء الجسدي، كان الاعتداء عليّ بواسطة أسئلة مصمّمة للهجوم عليّ وليقولوا: هل رأيتم؟ الحقائق التي ترويها غير دقيقة، وهي مجنونة، وواضح أنها سكّيرة. من الممكن أنها أرادت أن تعاشر هذا الرجل، فهو رياضي، صحيح؟ الاثنان كانا بحالة سكر، وكل ما تتذكّره في المستشفى أتى بعد الحادثة. فلمَ علينا أن نأخذه بعين الاعتبار؟ "بروك" على المحك، وهو يمرّ بفترة صعبة في الوقت الحاضر.

ثم جاء دوره ليقدّم شهادته. هنا أصبحت ضحية مرّة أخرى. أريد تذكيركم أنه في الليلة التي تلت ما حصل، قال إنّه لم يكن ينوي اصطحابي إلى غرفته في الجامعة. قال إنّه لا يعرف لماذا كنّا وراء براميل النفايات. قام لينصرف لأنّه لم يكن يشعر بأنه في حالة جيّدة، وفجأة، تمّت مطاردته والاعتداء عليه. ثم علِم بأنني لا أتذكّر شيئاً.

لذا، بعد سنة، وكما كان متوقّعاً، ظهر كلام جديد. كانت قصة بروك الجديدة غريبة، كأنها رواية لشبّان بالغين، مكتوبة بطريقة سيئة، فيها أشياء من قبيل الرقص والقُبَل ومسك أيادي والتقلّب الظريف على الأرض. والأهم في القصة الجديدة الذي ظهر فجأة، كان مسألة الموافقة. بعد سنة من الحادثة تذكّر بروك: آه، نعم، للمناسبة، قالت نعم على كل شيء.

فـقال إنه سألني إذا أردتُ الرقص. يبدو أنني قلتُ نعم. سأل إذا أردتُ الذهاب إلى غرفته، وقلتُ نعم. ثم سأل إذا بإمكانه إدخال إصبعه، وقلتُ نعم. معظم الرجال لا يسألون: هل تريدين أن أُدخل إصبعي؟ عادةً يكون هناك تطوّر طبيعي للأحداث، تتوالى بموافقة الاثنين، وليس بسؤال وجواب. لكن يبدو أنني أعطيته موافقتي التامّة. فلا جرم عليه.

حتى في هذه القصة، الحوار شبه غائب. لم أقل أكثر من ثلاث كلمات قبل أن يجعلني عارية على الأرض. في حياتي لم يدخلني أحد بعد ثلاث كلمات. لم يزعم أنه سمعني أقول جملة واحدة كاملة تلك الليلة. لذا، حين تشير الأخبار إلى أننا "التقينا"، لا أعتقد أن التوصيف صحيحاً. كمرجعيّة قد تفيد في المستقبل، في حال أردتم معرفة إن كانت الفتاة قادرة على إعطاء موافقتها أو لا، تأكّدوا من أنها تستطيع التفوّه بجملة كاملة. حتّى هذا لم يكن بالإمكان فعله. فقط جملة واحدة متماسكة. وإذا لم تستطع، يعني لا. لا تلمسوها. ببساطة، لا. ليس ربّما، فقط لا. أين الارتباك؟ هذا من المنطق، ومن الأخلاق الإنسانية.

بالنسبة إليه، السبب الوحيد لوجودي على الأرض هو أنني وقعت. ملاحظة: إذا وقعت فتاة، ساعدها أن تقف. إذا كانت ثملة لدرجة أنها لا تستطيع المشي وتقع، لا تقفز فوقها، لا تركبها، لا تخلع عنها ملابسها الداخلية وتُدخل يدك في مهبلها. إذا وقعت الفتاة، ساعدها لتقف. إذا كانت تلبس سترة فوق فستانها، لا تخلعه لتلمس ثدييها. ربّما تشعر بالبرد، ولذلك ترتدي سترة. إذا كانت مؤخرتها العارية ورجلاها يحتكّان بأكواز الصنوبر وإبر الصنوبر حيث ثقلك يدفع نحوها، فانزل عنها.

فيما بعد، بحسب القصة، اقترب منكَ شخصان. ركضتَ لأنك، كما قلت، شعرتَ بالخوف. أعتقدُ أنك هربتَ لأنك خفت من أن يُفتضح أمرك، لا لأنك فزعت من طالبَين سويديّين. اعتقادكَ بأنهما سيهاجمانك فكرة مضحكة بغرابتها، كأن لا دور لحقيقة أنّك كنت فوق جسدي العاري. لقد شُوهدتَ متلبّساً. حين أزاحوك جانباً، لماذا لم تقل: "توقّفوا، كل شيء بخير، يمكنكم أن تسألوها، هي هناك، ستقول لكم كل شيء". فأنت كنتَ سألتني عن موافقتي من برهة، أليس كذلك؟ وأنا كنتُ مستيقظة، أليس كذلك؟ حين جاء الشرطي وأخذ إفادة الشاب السويدي الشرّير الذي أزاحك، كان يبكي بشدّة، لدرجة أنه لم يستطع الكلام عمّا رآه. ثم، وإن حقّاً اعتقدت أنهما خطيرَين، فأنتَ تركت فتاة شبه عارية لتهرب وتنجو بنفسك. لذا، وفي كل الأحوال، ومهما أعدتَ صياغة الأحداث، لا تزال غير منطقيّة. لقد أشار محاميك مراراً إلى أننا لا نعرف متى غبتُ عن الوعي بالتحديد. وأنت على حق، فربّما كانت عيناي لا تزال ترتعشان ولم أترنّح كليّاً بعد، حسناً. إن ذنبه لم يعتمد على معرفته باللحظة التي فقدتُ فيها وعيي، فهذا ليس مهمّاً. لقد كنت بدأتُ أبتلع لفظي وأثمل لدرجة لا أستطيع فيها إعطاء موافقتي قبل أن أصبح على الأرض بفترة ليست قصيرة. وكان يجب عدم لمسي من بداية الأمر. لقد قال بروك: "خلال كل هذا الوقت لم أرَ أنها لا تتجاوب. لو رأيتُ أنها لا تتجاوب، لكنت توقفت فوراً." لكن لو أن خطّتك كانت أن تتوقّف فقط عندما أصبحتُ غير متجاوبة بكل معنى الكلمة، فأنت ما زلت لا تفهم. فأنتَ لم تتوقّف حتى حين فقدتُ الوعي! لقد أوقفك شخصان. رجلان على درّاجتهما لاحظا أنّني لا أتحرّك في الظلام واضّطروا إلى أن يوقفوك. فكيف لم تلاحظ أنت، وكنت فوقي؟

قلت أنتَ إنك كنتَ لتتوقّف وتأتي بمساعدة. تقول هذا، وأنا أريدك أن تشرح كيف كنت ستساعدني؟ قل لي ماذا كنت ستفعل، خطوة خطوة؟ أريد أن أعرف لو أن هؤلاء الشابان السويديّان الشرّيران لم يجدوني، كيف كانت ستجري أحداث تلك الليلة. أسألك: هل كنتَ سترفع ثيابي الداخلية من حول حذائي؟ تفكّ قلادتي من حول عنقي؟ تُغلق رجلي؟ تغطّيني؟ تدسّ صدريتي تحت فستاني؟ هل كنتَ ستساعدني لأخرج إبر الصنوبر من شعري؟ هل كنتَ ستسأل إن كانت الخدوش على عنقي وطرفي تؤلمني؟ هل كنتَ ستذهب لتجد أحد الأصدقاء وتسأله: هل تساعدني لأضعها على مكان ناعم ودافىء؟ لا أنام وأنا أفكّر في ما كان سيحصل لو لم يظهر السويديّان. ماذا كان سيحصل لي؟ هذا ما لن تجد جواباً جيداً له. وهذا ما لا تستطيع أن تشرحه بعد مرور سنة.

أن تجلس، تحت منصّة القسم، وتعلمنا جميعاً أنني بالفعل أردتُ ما حصل، أنني أعطيتُ إذني، وأنك أنت الضحية الحقيقيّة التي تم الاعتداء عليها لأسباب تجهلها، هو فعلٌ مريض ومجنون وأناني وغبيّ. هو فعلٌ يُظهر بأنك مستعدّ أن تفعل أي شيء لتقضي على مصداقيّتي وتشرح لماذا كان مقبولاً أن تؤذيني. لقد حاولتَ بعناد أن تنجو بنفسك وبسمعتك، على حسابي.

لقد اضطّرت عائلتي أن ترى صورةً لي ورأسي مربوط على محفّة، وهو مليء بإبر صنوبر، وجسدي في التراب، وعيناي مغلقتان، وفستاني مرفوع، ويداي ورجلاي مرتخية في الظلام. حتى بعد كل هذا، اضطرّت عائلتي أن تستمع إلى محاميك وهو يقول إن الصور التُقطت بعد الحادثة، لذا نستطيع أن نصرف النظر عنها؛ ويقول، نعم، لقد أكّدَت ممرّضتها أنّه كان هناك احمرار وخدوش داخلها، لكن هذا ما يحصل حين يدخل إصبعه فيها، وهو قد اعترف بهذا. اضطرّت عائلتي أن تسمع المحامي يستعمل شقيقتي ضدّي. أن تسمعه يرسم صورة عنّي كهاوية حفلات وهاوية إغراء، كأنّ هذا يجعل ما حصل لي أمراً لا مفرّ منه. أن تسمعه يقول إن صوتي على الهاتف أظهر أنني ثملة، لكن لأنني سخيفة، ولأنني أصلاً أتكلّم بهذه الطريقة البلهاء. اضطرّت عائلتي أن تسمعه يشير إلى أنني في الرسالة الصوتيّة، قلتُ لصديقي أنني سأكافئه، وكلّنا نعرف ما كنتُ أعنيه. أؤكّد لك أنّ برنامج المكافآت غير قابل للتحويل، خصوصاً إلى شخص لا أعرف اسمه اقترب منّي.

المقصد هنا أنّ عائلتي وأنا تحمّلنا كل تلك الأمور خلال هذه المحاكمة. هذا ما اضطررتُ أن أستمع إليه بصمت، فيما هو يصيغ أحداث تلك الليلة. يكفيني أن أعاني ما عانيتُه. لكن أن يعمل أحدٌ بلا رحمة للتقليل من خطورة معاناتي وشرعيّتها، فذاك شيء آخر. لكن في نهاية الأمر، إن إفاداته غير المدعومة ومنطق محاميه الملتوي لن تخدع أحداً. الحقيقة انتصرت. الحقيقة ظهرت.

أنتَ مذنب. وهذا ما تبيّن للاثني عشر محلّفاً الذين اتّهموك بثلاث جنايات لا يُعقل الشّك في حدوثها. هناك اثني عشر صوتاً. اثني عشر "نعم" لإثبات الذنب، ومئة في المئة إجماع. فظننتُ أن الأمر انتهى، سيتحمّل مسؤوليّة ما فعل، سيعتذر، وسنمضي كل في طريقه ونحاول التعلّم والتحسين. ثمّ قرأت بيانك.

إن كنتَ تعتقد أن جزءاً مني سوف ينفجر من كثرة الغضب ويقتلني، فأنت قريب جداً من الحقيقة. أنا على وشك أن يحدث لي ذلك. الاعتداء ليس حادثاً. هذه ليست قصة أخرى من قصص الشرب والإعجاب المترافق مع سوء اتّخاذ القرارات الذي يحصل عادةً في الجامعة. على الرغم من كل هذا، ما زلتَ لا تفهم الأمر.على الرغم من كل ذلك، ما زلت تبدو حائراً.

سأستغلّ الفرصة الآن لأقرأ أجزاءً من ردّ الدفاع وأردّ عليها.

قلتَ: كنتُ مخموراً، لا أنا ولا هي كنّا قادرَين على اتّخاذ القرارات الأنسب.

الكحول ليست عذراً. هل هي عامل مؤثّر؟ نعم. لكن ليست الكحول من نزع عنّي ثيابي، أدخل أصابعه فيّ، جرّني ورأسي يرتطم بالأرض وأنا شبه عارية. الإفراط في الشرب خطأ "هواة"، وأعترف به، لكنّه ليس جرماً. كلّ من في هذه القاعة حدث له أن ندم على الإكثار من شرب الكحول أو يعرف شخصاً قريباً منه حدث له ذلك. الندم على الإكثار من تناول الكحول ليس كالندم على اعتداء جنسي. وفي حين كان كلانا ثملين، لم أُقدم على خلع سروالك وملابسك الداخلية عنك ولمسك بوقاحة ومن ثمّ الهروب. هذا هو الفرق!

قلتَ: لو أردتُ التعرّف عليها جيداً، لكنتُ سألتها عن رقم هاتفها بدل الطلب منها الذهاب إلى غرفتي.

عدم سؤالك عن رقم هاتفي ليس ما أزعجني. حتى ولو كنت تعرفني، لن أريد أن أكون في موقف كالذي كنتُ فيه. صديقي يعرفني جيداً، لكن إن طلب أن يدخلني بأصابعه خلف برميل قمامة لكنتُ صفعته من دون تردّد. ما من فتاة أو امرأة ترغب بتصرّف كهذا. لا أحد يرغب أن يكون في موقف كهذا، ولا يهمّ أن أعرف إن كنتَ تملك رقم هاتف الشخص أم لا.

قلتَ: ظننتُ، غباءً منّي، أنّني أستطيع القيام بما كان الآخرون من حولي يقومون به، أي شرب الكحول.

أخطأت. مجدّداً، لم يكن خطؤك شرب الكحول. لم يكن الجميع من حولك يعتدون عليّ جنسياً. لقد أخطأتَ لقيامك بما لم يكن أحد من حولك يقوم به، وهو حشر قضيبك المنتصب في سروالك داخل جسدي العاري غير القادر على الدفاع، في زاوية داكنة حيث لا يراني ولا يأتي لنجدتي أحد من الساهرين، حتى شقيقتي التي لم تستطع إيجادي. لم يكن جرمك ابتلاع "مشروب النار". إنّ تمزيق سروالي الداخلي ورميه كقشرة حلوى لتتمكّن من زجّ أصابعك داخل جسدي هو خطؤك. لماذا لا يزال عليّ شرح هذا؟

قلتَ: خلال الدعوى، لم أكن أريد أن أستضعفها على الإطلاق.

هذا ما صدر عن محاميّ وطريقته في مقاربة القضية. إن محاميك ليس كبش محرقة. وهو يمثّلك. هل تلفّظ محاميك بعبارات جارحة وبغيضة ومحقِّرة؟ بالطبع. فقد قال إنّ حالة انتصابك ناتجة عن البرد. لا أملك كلمات لهذا.

قلتَ إنّك في طور تأسيس برنامج للتعليم الثانوي والجامعي يركّز على تحدّي ثقافة الثمالة في الجامعات وما يرافقها من فوضى جنسيّة.

المعارضة العلنية لثقافة الثمالة في الجامعات. أهذا ما نعارضه؟ أتظن أنّني أمضيت هذه السنة من حياتي لأحارب هذا؟ وليس التوعية حول مسألة الاعتداء الجنسي، أو الاغتصاب، أو معرفة ماذا يعني مبدأ القبول، الموافقة؟ ثقافة الثمالة في الجامعات. الموت لـ"جاك دانيالز". الموت لفودكا "سكاي". إن أردتَ إخبار التلاميذ في المراحل الثانوية عن تناول الكحول فاذهب إلى اجتماعات المدمنين على الكحول. ألا ترى أن مشكلة الكحول لدى شخص تختلف عن مسألة تناول الكحول ومن ثمّ إجبار أحد على ممارسة الجنس؟ شجِّع الرجال على احترام النساء، لا على تناول الكحول بنسبة أقل.

ثقافة الثمالة في الجامعات وما يرافقها من فوضى جنسيّة. أتقصد "ما يرافقها"، كأثر جانبي، أي كصحن البطاطس المقليّة الذي يُقدَّم كطبق جانبي مع الطعام؟ كيف دخل الاختلاط الجنسي حيّز اللعبة؟ لم أرَ عناوين أخبار تقول بروك تورنر، مذنب بالإكثار من الكحول وما يرافق ذلك من اختلاط جنسي؛ بل "اعتداء جنسي في حرم الجامعة". يمكنك بدء عرض التوعية الذي تنوي تقديمه بهذه الجملة.

لقد شرحتُ بما فيه الكفاية. لا يمكنكَ هزّ كتفيك والشعور بالحيرة بعد الآن. لا يمكنك الادّعاء أنّه لم يكن هناك إشارات حمراء واضحة. لا يمكنك معرفة لماذا هربت. لقد أُدنتَ باغتصابي، بنيّة ماكرة، وكلّ ما أمكنك الاعتراف به هو تناول الكحول. لا تتذمّر أنّ حياتك انقلبت رأساً على عقب بسبب الكحول التي جعلتك تقترف أفعالاً سيّئة. اعرف كيف تتحمّل مسؤوليّة سلوكك الشخصي.

في الختام قلتَ: أريد أن أظهر للناس أن ليلة ثمالة قادرة على تدمير حياة.

تدمير حياة، حياة واحدة، أي حياتك، نسيت أمر حياتي أنا. سأعيد صياغة ما قلت، أريد أن أبيّن للناس أن ليلة شرب يمكنها أن تدمّر حياتَين. حياتي وحياتك. أنت السبب وأنا النتيجة. لقد جررتني إلى هذا الجحيم معك، أغرقتني في تلك الليلة مراراً وتكراراً. لقد دمّرت كلا برجَينا، وقد انهرت أنا في الوقت نفسه الذي انهرت أنتَ فيه. أضرارك يمكن لمسها؛ كالحرمان من الألقاب، والشهادات، والتسجيل في المعاهد. أما الأضرار التي طالتني فداخليّة، غير مرئيّة، أحملها معي. أخذتَ منّي قيمتي لذاتي، خصوصيّتي، طاقتي، وقتي، أمني، حميميّتي، ثقتي بنفسي، صوتي، حتى يومنا هذا.

أترى أن بيننا قاسماً واحداً مشتركاً هو أنّ كلينا لم نستطع النهوض في الصباح. لستُ غريبة عن المعاناة. جعلتني ضحيّة. أصبح اسمي في الصحف "امرأة ثملة فاقدة الوعي". عشر مقاطع لفظيّة لا أكثر. لفترة، اقتنعتُ بأنّ هذا كلّ ما أنا عليه. كان عليّ أن أرغم نفسي على إعادة تعلّم اسمي الحقيقي وهويّتي. أن أتعلّم من جديد أنني أكثر من ذلك، أنّني لست مجرّد ضحيّة ثملة في حفلة جامعية وُجدت مرميّة خلف مستوعب نفايات، فيما أنت البطل الأميركي في السباحة من جامعة عريقة، وبريء حتّى إثبات العكس، مع الكثير من الامتيازات التي يمكن أن تصبح على المحك. أما أنا فإنسانة تعرّضت لأذى لا يمكن الرجوع عنه، انتظرَت سنة كاملة لتعرف إذا كان لها أي قيمة.

استقلاليّتي، فرحي الطبيعي، لطفي، أسلوب حياتي المستقرّ، كلّها سمات باتت مشوّهة بشكل يصعب التعرّف عليها من جديد. أصبحت منزوية، غاضبة، ناكرة للذات، متعبة، معكّرة المزاج، فارغة. أحياناً كانت العزلة لا تُطاق. لا يمكنك إعادة حياتي التي كانت قبل تلك اللّيلة حتّى. وفيما كنتَ تقلق على سمعتك المدمَّرة، كنتُ أضع ملاعقاً في الثلّاجة كل ليلة لسبب لأنني عندما أستيقظ في الصباح بعينين منفّختين لشدّة البكاء، أضع الملاعق المثلّجة على عينيّ كي يخفّ تورّمهما وأتمكّن من الرؤية من جديد. تأخّرتُ عن عملي ساعة كل صباح، أذنت لنفسي بالبكاء على السّلالم. أستطيع إخبارك عن كلّ الأمكنة المخبّأة في ذاك المبنى حيث يمكن البكاء من دون أن يسمعك أحد. أضحى الألم كبيراً لدرجة أنّني أخبرت مدير/تي أنّني ذاهبة، أنّني بحاجة إلى وقت لأن العمل لأيّام متواصلة لم يعد أمراً ممكناً بالنسبة إلي. استعملتُ كلّ مدّخراتي للرحيل أبعد ما يمكن.

لا أستطيع النوم وحدي ليلاً من دون إبقاء الأنوار، كطفلة عمرها خمس سنوات. كنتُ أخشى أن تأتيني كوابيس عن تعرّضي للّمس من دون أن أتمكّن من الاستيقاظ. صرتُ أنتظر طلوع الشمس لأشعر بالأمان بما يكفي لأغفو. بقيتُ لفترة ثلاثة أشهر أخلد للنوم عند السادسة صباحاً.

طالما افتخرتُ باستقلاليّتي، أما الآن فأخاف أن أذهب في نزهة في المساء، وأن أحضر مناسبات اجتماعية فيها كحول، حتى بين أصدقائي حيث يجب أن أشعر بالارتياح. أصبحتُ كشخص دبق، بحاجة دائمة لقرب شخص منّي، لبقاء صديقي معي، لنومه إلى جانبي، لحمايته لي. من المخجل كم أشعر بالوهن وأتابع حياتي دائمة التنبّه والاستعداد للدفاع عن نفسي والغضب.

أنتَ لا تملك أدنى فكرة عن المجهود الذي قمتُ به لإعادة ترميم أجزاء مني لا تزال ضعيفة مذذاك. احتجتُ إلى ثمانية أشهر لأستطيع التكلّم عمّا حصل. لم أعد قادرة على التواصل مع أصدقائي وكلّ من حولي. كنتُ أصرخ بوجه صديقي وأفراد عائلتي إن أتوا على ذكر الموضوع أمامي. لم تسمح لي بنسيان ما حصل لي. في نهاية كل جلسة استماع، ومحكمة، لم أكن قادرة على قول أي شيء لشدّة التعب. غادرتُ مستنزَفة وصامتة إلى بيتي حيث كنت أطفئ هاتفي وأتوقّف عن الكلام لأيّام. أعطيتني تذكرة سفر إلى كوكب أعيش فيه وحدي. في كل مرّة كان يُنشر مقال عن الموصوع، كنتُ أرتعد لفكرة أن كل سكّان بلدتي سيعلمون ويعرّفون عنّي بالفتاة التي تعرّضت للاعتداء. لستُ أريد شفقة أحد وما زلتُ أتعلّم أن أقبل صفة الضحيّة كجزء من هويّتي. حتّى بلدتي جعلتَها مكاناً غير مريح لي.

يوماً ما قد تردّ لي تكاليف سيّارة الإسعاف وعلاجي، لكنّك لن تستطيع ردّ الليالي التي أمضيتُها من دون نوم. طريقة انهياري وبكائي من دون التمكّن من ضبط نفسي حين أشاهد فيلماً تعرّضت فيه امرأة لأذًى، هي تجربة، ببساطة، عمّقت تعاطفي مع ضحايا آخرين. خسرتُ الكثير من وزني من كثرة القلق والتوتّر، وعندما كان الناس يعلّقون على الأمر، كنت أقول لهم إنّني أمارس رياضة الركض كثيراً في الآونة الأخيرة. كان هناك أوقات لم أرغب فيها بأن يلمسني أحد. عليّ أن أتعلّم من جديد أنّني لست هشّة، أنّني قادرة، أنّني جيّدة، ولستُ فقط مغتاظة وضعيفة.

ما أريد قوله أيضاً، هو أنني قادرة على تحمّل كل هذا البكاء والألم اللّذين فرضتهما عليّ، لكني حين أرى أختي الصغيرة تتألّم، حين لا تستطيع متابعة دراستها وتُحرم من الفرح والنوم، حين تبكي بشدّة على الهاتف وتنتفّس بصعوبة وهي تقول لي مراراً وتكراراً إنها آسفة لتركي لوحدي في تلك الليلة، أنا آسفة، آسفة، آسفة، حين تشعر هي بالذنب أكثر منك، لا أستطيع مسامحتك. في تلك الليلة، حاولتُ الاتّصال بها لأجدها، لكنك وجدتني قبل أن أجدها. بدأ خطاب محاميك الأخير بأن "قالت لي أختي إنها بخير؛ ومن يعرفها أكثر من أختها؟" حاولت أن تستعمل أختي ضدي. ما اخترتَ مهاجمته كان ضعيفاً ومخزياً. ممنوع أن تتعرّض لأختي.

إذا كنتَ تعتقد بأنني رُحمت، وخرجتُ من المحاكمة غير مجروحة، وأنني اليوم أبحر إلى المغيب، فيما أنتَ تعاني من الضربة الأقوى، فأنت مخطئ. لم يربح أحد. جميعنا مدمَّرون، وجميعنا نحاول إيجاد بعضاً من المعنى وسط كل هذه المعاناة.

لم يجدر بك فعل ما فعلت بي. وثانياً، لم يجدر بك دفعي إلى المحاربة طوال هذه المدّة لأقول لكَ هذا الأمر. لكنّنا هنا، والضرر قد وقع، ولا يمكن أحدٌ أن يصلحه. والآن لدينا خيار. إما أن نسمح لهذا الوضع بأن يدمّرنا، وأن أبقى أنا غاضبة ومتألمة وأنتَ غارقاً في حالة نكرانك، أو يمكننا أن نحدق أكثر بالوضع، كأن أقبل الألم، وأنت تقبل العقاب، ونذهب كل في طريقه.

حياتكَ لم تنتهِ، ولا يزال لديك عقود من الزمن لتعيد كتابة قصتك. العالم واسع، وأكبر بكثير من بالو التو وستانفورد، وستتمكّن من خلق مساحة لك فيه بحيث تكون مفيداً وسعيداً. الآن اسمك ملطّخ، وعليه، أتحدّاك أن تقوم بإعادة خلق اسمٍ جديد لنفسك وتقوم بأعمال جيّدة للعالم تبهر بها الجميع. لديك عقل وصوت وقلب. لا تُسئ استعمالها. تكنّ لكَ عائلتك حباً عميقاً قادراً على انتشالك من أي وضع. حبّ عائلتي كان قادراً على مساندتي وسط كل هذا، وحبّ عائلتك سيفعل الأمر عينه. وستكمل مسيرتك.

أنا أؤمن، أنّكَ يوماً ما، ستفهم كل ذلك بشكل أفضل. أتمنّى أن تصبح شخصاً أفضل، شخصاً أكثر صدقاً، وأن تستعمل قصّتك لتمنع حدوثها مرّة أخرى. أنا أدعم رحلتك إلى الشفاء وإلى إعادة بناء حياتك لأنه الطريق الوحيد الذي سيمكّنك من مساعدة الآخرين.

أمّا بالنسبة إلى الحكم، فحين قرأتُ تقرير شرطي المراقبة، لم أصدّق ما قرأت، وقد أنهكني الغضب الذي أخذ يتحوّل إلى حزن عميق في داخلي. فقد تمّ اختزال شهادتي وتشويهها وتحويرها عن سياقها. حاربتُ جاهدةً خلال المحاكمة، ولن أقبل بنتيجة تمّ اختزالها من قبل شرطي مراقب حاول أن يقيّم حالتي وأمنياتي بناءً على حديث دام 15 دقيقة استحوذت عليه أسئلتي للشرطي حول النظام القانوني. إن السياق عامل مهم جداً. بروك كان سيصدر بياناً ولم أكن قد قرأتُ ملاحظاته.

حياتي متوقّفة منذ سنة تقريباً، سنة من الغضب والقلق والحيرة، إلى حين نطقت هيئة محلّفين من أقراني حكماً صدّق على الظلم الذي تعرّضتُ له. لو قام بروك بالاعتراف بذنبه، لو ندم، لو طلب أن نحلّ القضية مبكراً، لكنتُ ربّما أعدتُ التفكير بطلب عقوبة خفيفة احتراماً للصدق الذي أبداه وامتناناً للتمكّن من إعادة عيش حياتي والسير إلى الأمام. بدلاً من ذلك، أصرّ بروك على المخاطرة في الذهاب إلى المحكمة ورشّ الملح على الجراح فأجبرني على عيش الألم من جديد، فيما التفاصيل المتعلّقة بحياتي الخاصة والاعتداء الجنسي الذي تعرّضت له يتمّ كشفها وتشريحها بقسوة بشكل علني. بروك دفعني وعائلتي لخوض سنة من المعاناة غير الضرورية، لذا عليه أن يواجه عواقب تحدّيه لجريمته وتشكيكه بألمي ودفعنا إلى انتظار العدالة طوال هذه الفترة.

قلتُ للشرطي المراقب إنني لم أكن أريد لبروك أن يتعفّن في زنزانة. لم أقل أبداً إنه لم يستحق أن يكون وراء القضبان. لكن توصيات الشرطي المراقب بأن يُسجن بروك لسنة أو أقلّ عقابٌ ناعم، وساخر من جديّة اعتدائه وعواقب الألم الذي تحمّلتُه. قلتُ للشرطي أيضاً إن كل ما أردته حقاً هو أن يفهم بروك ما قام به وأن يعترف بأخطائه.

لكن للأسف، وبعد قراءة بيان المتّهَم، أشعر بخيبة ألم كبيرة. فقد فشل في إظهار أي ندم حقيقي أو تحمّل أي مسؤولية. أنا أحترم حقّه في المحاكمة، لكن بعد أن قام اثنا عشر عضواً من المحلّفين، جماعياً، بتثبيت أنه مذنب بثلاث جنايات، جلّ ما فعله المتّهَم هو الاعتراف بشرب الكحول. إن الشخص غير القادر على تحمّل مسؤولية أفعاله لا يستحق عقوبة مخفّفة. وإنه لأمر بالغ الإهانة أن يحاول المتّهَم التخفيف من حدّة الاغتصاب من خلال ربطه "بالفوضى الجنسية". إن الاغتصاب بتعريفه ليس فوضى جنسية، الاغتصاب هو غياب الموافقة والرضى، وعدم قدرته على التمييز يبن الأمرين يزعجني بشكل عميق.

ذكر الشرطي المراقب أنّ المتّهَم لا يزال يافعاً ولم يكن محكوماً بأي جرم في السابق. برأيي، هو ناضج بما يكفي ليعرف أن ما قام به خطأ. فعندما تبلغ الـ18 من العمر في هذا البلد تستطيع أن تذهب إلى الحرب، وعندما تبلغ من 19 من العمر يعني أنك نضجت بما يكفي لتدفع ثمن عواقب محاولة اغتصاب أحدهم والاعتداء عليه. هو يافع نعم، لكنّه بلغ العمر الكافي ليعرف أكثر من ذلك.

لأنها الجريمة الاولى، أفهم لمَ قد يكون الحكم متساهلاً. لكن من ناحية أخرى، كمجتمع، لا يمكن أن نكون متسامحين مع الاعتدءات الجنسية الأولى والاغتصاب الأوّل، فلا منطق خلف استنتاج كهذا. إن الجديّة في الحكم على الاغتصاب كجريمة يجب أن تكون واضحة، فلا ينبغي أن نخلق ثقافة تقبل بإخضاع الاغتصاب لمنطق التجربة والخطأ. يجب أن يكون العقاب على الاعتداء الجنسي قاسياً بحيث يشعر الناس بضرورة دراسة الأمور بشكل صحيح، حتى حين يكونون في حالة سكر. يجب أن يكون العقاب قاسياً بما فيه الكفاية ليردع. أمّا واقع أن بروك نجم رياضي في جامعة عريقة لا يجب أن يؤثّر باتجاه تخفيف الحكم عليه، بل إن في هذا الواقع فرصة لإعلان رسالة ثقافية قوية تعزّز مبدأ أن الاعتداء الجنسي جريمة، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية لمرتكبها.

أخذ الشرطي المراقب بعين الاعتبار أن بروك فوّت منحة رياضية مهمّة خاصة بالسباحة. لكن لو كان الذي اعتدى عليّ شاب غير رياضي من جامعة محلية، فما كانت لتكون العقوبة؟ ولو كان من اعتدى عليّ شخص أيضاً يعتدي للمرّة الأولى على أحد، ولكن ينتمي إلى بيئة مهمّشة، وتمّ اتّهامه بثلاث جنايات ولم يبدِ أيّ ندم على ما فعله سوى الإفراط في تناول الكحول، فما كانت لتكون العقوبة؟ فالسرعة التي يسبح بها بروك لا تخفّف من وطأة ما تعرّضت له.

استنتج الشرطي المراقب أنه، ولدى مقارنة هذه القضية بقضايا أخرى، يمكن اعتبار أنها أقلّ جدية بسبب درجة سكْر المتّهَم. لكن ما شعرتُ به كان جدياً بحقّ. هذا كل ما أودّ قوله.

قُّيد على سجلّه أنّه معتدٍ جنسيّ. لا تاريخ لانتهاء هذه العلامة، تماماً كما لا نهاية لما فعله بي، والذي لن يختفي بفعل مرور بضعة سنوات. فما فعله بي يبقى معي، كجزءٍ من هويتي، وقد غيّر كليّاً الطريقة التي أحمل بها نفسي وكيف سأعيش طوال حياتي.

مرّت سنة، وكان لبروك الكثير من الوقت. هل كان يرى معالجاً نفسياً؟ ماذا كان يعمل خلال السنة الماضية ليظهر أنه يحرز تقدّماً؟ وإذا كان قد أعلن نيّته تطبيق برنامج اجتماعي، فماذا فعل حتى الآن ليثبت ذلك؟ أتمنّى أن يتم مدّه بالعلاج المناسب والموراد اللازمة لإعادة بناء حياته على امتداد فترة سجنه. كما أطالب بأن يثقّف نفسه أكثر حول قضية الاعتداءات الجنسية في الجامعات.

أتمنى أن يقبل العقاب المناسب وأن يحضّر نفسه للعودة إلى المجتمع كإنسان أفضل.

لأختم، أودّ أن أوجّه الشكر إلى الجميع، إلى المتطوّعة التي أعدّت لي الشوفان عندما استيقظت في المستشفى في ذلك الصباح، إلى الرقيب الذي انتظر بجانبي، إلى الممرّضات اللواتي قمن بتهدئتي، إلى المحقّق الذي استمع إلي من دون إصدار الأحكام، إلى جميع المناصرات اللواتي وقفن بقربي، إلى المعالجة النفسية التي علّمتني أن أبحث عن الشجاعة في هشاشتي، إلى مديري الذي أبدى تفهّماً كبيراً، إلى والدَي الرائعَين اللّذين علّمانني تحويل الألم إلى شجاعة، إلى أصدقائي الذين ذكّروني كيف يكون الإنسان سعيداً، إلى صديقي الصبور والمحبّ... إلى شقيقتي التي لا تُقهر، نصف قلبي، إلى "ألاليه" مثالي الأعلى التي حاربت من دون تعب ولم تشكّ بي ولو للحظة.شكراً لكل من كان معنياً بالمحاكمة لبذل الجهد والوقت، وشكراً لكل الفتيات من أنحاء الوطن كافّة اللواتي كتبن لي البطاقات. شكراً للكثير من الغرباء الذين اهتمّوا بي.

والشكر الأكبر إلى الرجلين اللذين أنقذانني في تلك الليلة ولا بدّ من أن ألتقي بهما. أنام وفوق رأسي رسمة تحوي درّاجتين لأذكّر نفسي أن هناك أبطالاً في هذه القصة. أننا لا نزال نهتم بعضنا ببعض. أنني عرفت كل هؤلاء الأشخاص. أن أشعر بحمايتهم وحبّهم أمر لا يمكنني نسيانه.

وأخيراً، إلى الفتيات في كل مكان، أنا معكن. في الليالي التي تشعرن فيها بالوحدة، أنا معكن. عندما يشكّ بكنّ أو يهملكنّ الآخرون، أنا معكن. حاربتُ يومياً من أجلكن، فلا تتوقّفن عن المحاربة. أنا أصدّقكن. لا تذهب المنارة إلى كل الجزر بحثاً عن سفن تنقذها، بل تقف في مكانها مضيئة. ولأنني لا أستطيع إنقاذ كل السفن، أتمنى أن تجدن في كلامي اليوم بعضاً من هذا الضوء، وبعضاً من المعرفة التي تطمئنكن بأنه لا يمكن إسكاتكن، وجرعة قليلة من العدالة التي تمّ أخذها، وتطميناً صغيراً بأننا سوف نصل إلى مكان ما، ومعرفة ثابتة لديكن بأنكن مهمّات، وأنه لا يمكن التعرّض لكنّ، وأنكن من دون أي شكّ جميلات، ويجب تقدير قيمتكن واحترامكن في كل دقيقة من كل يوم، أنكن قويات، ولا يستطيع أن يأخذ منكنّ ذلك. إلى جميع الفتيات في كل العالم، أنا معكن. شكراً.

يمكنكم قراءة الرسالة بالانجليزية هنا https://www.sccgov.org/sites/da/newsroom/newsreleases/Documents/B-Turner%20VIS.pdf

Publisher: 

Sawt al' Niswa

Section: 

Category: 

Featured: 

Popular post

Our portfolio

We wouldn't have done this without you, Thank you Bassem Chit - May you rest in power.

Copy Left

Contact us

Contact Sawt al' Niswa via:

You can also find us on: