فلماذا لا نزال نصبر، هل جثثنا هي حدود صبرنا؟
لماذا نشعر بأن حتى غضبنا علينا أن نعبر عنه بطريقة محددة؟ أن عليه أن يكون موجهاً نحو شيء محدد؟ أن عليه أن يكون مفيداً؟ ولماذا لسنا غاضبين كفاية؟ لماذا لا أشعر أن لي الحرية بأن أغضب كما أشاء؟ لماذا لا نستطيع أن نغضب كما نريد؟ لماذا يتم قمعنا وانتهاك حرياتنا والتعرض لحياتنا يومياً؟ لماذا يمكن لشخصٍ ما أن يأتي ويدمرنا ثم يكمل حياته كأن شيئاً لم يكن، ونحن علينا أن نعيش ما تبقى لنا من هذه الحياة نصارع لتخطّي ما حصل؟ إذا كان المجتمع صامت والدولة متقبلة لهذا الواقع، فإذاً أنا أيضاً أريد أن أدمّر بلا مبالاة. هل من المنطق أن نتعرض للاغتصاب، وفي العلن أحياناً، ولكن إذا أردنا التكلم عن الموضوع نجد أنفسنا نتكلم عنه بصوتٍ منخفض؟ لماذا كلما كتبنا عن الموضوع تسارع شرطة البلدية والقوى الأمنية للسيطرة على الوضع وإخفاء ما حصل كي لا تتشوه صورتهم؟ لماذا لا يمكنني أن أرش على الجدار في مكان الاعتداء جملة "هنا تم اغتصابي"؟ لهذا أكتب الآن، لأني أعرف كم هذا الموضوع مزعج، ولكنني أرفض أن أتكلم عنه بصوت منخفض وفي مكان مغلق. أريد أن أنقل واقع ما حصل لي وما يحصل يومياً وما تتعرض له معظمنا وأضعه بوجه الجميع.
كما تم إجباري على هذه المواجهة، على الجميع أن يتحمل مسؤولية وبشكلٍ خاص الرجال، وعلى الجميع أن يرى ما يحصل لنا. على الجميع أن يتوقف على القول للمرأة كيف يجب أن تتصرف، وكيف يجب أن تواجه الاغتصاب وكيف يجب أن تحمي نفسها. في كل مرة أردتم أن توجّهوا لأي امرأة ملاحظة من قبيل "انتبهي في الليل"، عليكم أن تقولوا لرفيقكم "لا تتحرش، لا تغتصب". لكل سائق سيارة أجرة يريد أن يعِظَني ويكلمني حول سلامتي الشخصية، أقول له "اصمت وأخبر كل رجل يستقل سيارتك ألا يتعرض للآخر". أعيدوا النظر في مفهومكم للرجولية واتركوا كيفية مواجهة التحرش والاغتصاب لي. ولا تقتربوا مني ومن غضبي، أنا أريد أن أغضب وأعبّر عن غضبي كما أشاء. تربينا على مراعاة مشاعر الآخر كنساء، ولكننا إن أبدينا غضباً تجاهه نُلام ونصبح مجنونات.
إن الجنون الوحيد هنا هو ما نتعرض له يومياً، وما أتمناه اليوم هو أن أصل لحدود صبري.
|
Publisher:
Section:
Category: